تحتفي دولة الإمارات العربية المتحدة حكومة وشعبًا، اليوم بالذكرى الثانية والخمسين لقيام اتحادها الذي نضج بإجماع حكام إمارات (أبوظبي، دبي، الشارقة، عجمان، الفجيرة، أم القوين) في الثاني من ديسمبر عام 1971م واتفاقهم على الاتحاد فيما بينهم، حيث أقروا دستورًا مؤقتًا ينظم الدولة ويحدد أهدافها، قبل أن تعاضدهم إمارة رأس الخيمة بانضمامها إلى الاتحاد في العاشر من شهر فبراير من عام 1972م.

ويشاطر السعوديون حكومة وشعبًا إخوانهم في الإمارات مشاعر الاعتزاز بما تحقق، مما يعكس عمق العلاقات والتي تمتد لعقود طويلة بين البلدين على مستوى القيادتين والشعبين الشقيقين.

وشهدت العلاقات بين المملكة ودولة الإمارات تطورًا إستراتيجيًا في إطار رؤيتهما المشتركة للارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز التعاون التاريخي في مختلف المجالات تحقيقًا للمصالح المشتركة بين البلدين والشعبين الشقيقين، وحرصًا على دعم العمل الخليجي المشترك.

ويمثل هذا التطور في تكثيف التشاور والاتصالات والزيارات المتبادلة على مستوى القمة والاتفاق على تشكيل لجنة عليا مشتركة بين البلدين لتنفيذ الرؤى الإستراتيجية لقيادة البلدين للوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهارًا وأمنًا واستقرارًا والتنسيق لمواجهة التحديات في المنطقة لما فيه خير الشعبين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون كافة.

وتعد الشراكة السعودية الإماراتية نموذجًا رائدًا ومتميزًا على المستويين الإقليمي والعالمي في التعاون والتطوير المستمر للعلاقات، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بما يخدم مسيرة الازدهار والتنمية المستدامة التي يشهدها البلدان الشقيقان، فالمملكة ودولة الإمارات أكبر اقتصادين عربيين، ومن خلال عملهما المشترك والمتواصل لتوسيع مجالات التعاون في مختلف القطاعات الحيوية، تسهمان في دفع مسيرة التنمية في المنطقة نحو آفاق جديدة، ومستمرة في تطوير هذه الشراكة الإستراتيجية وفق رؤية واضحة يقودها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي منذ إنشائه 2016م، الذي أشرف على إطلاق خطط تنموية ومبادرات ومشاريع نوعية لها دور جوهري في توليد ثروة من الفرص التجارية والاستثمارية والتنموية أمام قطاع الأعمال في البلدين وعلى مستوى منطقة الخليج والوطن العربي. وتعد العلاقة التجارية والاقتصادية بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، والإمارات إحدى أهم الشركاء التجاريين للمملكة على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين خلال 2023م أكثر من "87" مليار ريال سعودي. وبلغت قيمة الصادرات السعودية إلى دولة الإمارات 2023م، أكثر من "45" مليار ريال وتمثلت السلع المصدرة في (المنتجات المعدنية، واللدائن ومصنوعاتها، ومنتجات كيماوية عضوية، والنحاس ومصنوعاته، وأجهزة ومعدات كهربائية وأجزائها)، كما تمثل السلع المعاد تصديرها في (سفن وقوارب ومنشآت عائمة، وأجهزة ومعدات كهربائية وأجزائها، والسيارات وأجزائها، والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة).

فيما بلغت قيمة السلع المستوردة من دولة الإمارات العربية المتحدة أكثر من "41" مليار ريال سعودي وتمثلت في (معادن ثمينة وأحجار كريمة، ومنتجات معدنية، وآلات وأدوات آلية وأجزائها، ومصنوعات من حديد أو صب "فولاذ"، واللدائن ومصنوعاتها).

وقد اتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة التي وضع نهجها مؤسس الدولة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله- بالحكمة والاعتدال وارتكازها على قواعد إستراتيجية ثابتة تتمثل في الحرص على الالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترامها للمواثيق والقوانين الدولية، إضافة إلى إقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، بجانب الجنوح إلى حل النزاعات الدولية بالحوار والطرق السلمية والوقوف إلى جانب قضايا الحق والعدل والإسهام الفاعل في دعم الاستقرار والسلم الدوليين.

وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة التي تتألف من سبع إمارات هي: (أبوظبي ودبي والشارقة ورأس الخيمة والفجيرة وعجمان وأم القيوين)، من أنجح التجارب الوحدوية التي ترسخت جذورها على مدى أكثر من أربعة عقود متصلة، ويتميز نظامها بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وذلك نتيجة طبيعية للانسجام والتناغم بين القيادات السياسية والتلاحم والثقة والولاء والحب المتبادل بينها وبين مواطنيها.

وللإمارات رؤية "نحن الإمارات 2031 وهي رؤية جديدة وخطة عمل وطنية تستكمل من خلالها الدولة مسيرتها التنموية للعقد القادم وتركز على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والاستثمارية والتنموية".

وترتكز الخطط الإستراتيجية لاقتصاد دولة الإمارات بشكل رئيس على الاقتصاد الرقمي بالنظر إلى ما يعنيه التحول السريع للأنظمة التقليدية إلى الرقمية، من تسريع وتيرة النمو الاقتصادي والإسهام في خلق فرص حقيقية للاستثمار الأجنبي المباشر، وفرص حقيقية للكوادر المواطنة للاستفادة من التحولات المصاحبة لمرحلة التحول.

ونجحت حكومة دولة الإمارات في تطوير واعتماد العديد من التشريعات والسياسات والإستراتيجيات الحكومية المحفزة للاقتصاد الوطني، وتنويع الاقتصاد ودعم التحول للاقتصاد الرقمي وتوظيف التكنولوجيا والعلوم والابتكار في رفد واستشراف مستقبل القطاعات الاقتصادية الواعدة. وبلغ الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة في العام 2022 بالأسعار الثابتة 1.62 تريليون درهم، محققاً نمواً إيجابياً قدره 7.9%، بينما بلغ بالأسعار الجارية 1.86 تريليون درهم بزيادة تجاوزت 337 مليار درهم عن العام 2021 محققاً نمواً قدره 22.1%. وحلت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربياً والـ19 عالمياً، من حيث قدرتها على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر حسب تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي للعام 2022 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد"، واستقطبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 84 مليار درهم في عام 2022.

كما حققت دولة الإمارات ريادتها في قطاع صناعة الفضاء واستكشافه، وأطلقت البرنامج الوطني للأقمار الاصطناعية الرّادارية "سرب" لتطوير سرب من الأقمار الرّادارية، يسهم في رصد المتغيرات التي تطرأ على كوكب الأرض. ويواصل "مسبار الأمل الإماراتي" مهمته لاستكشاف كوكب المريخ محققًا نجاحات علمية فارقة، في حين تمضي الإمارات قدمًا في مشروع صنع مركبة فضائية إماراتية؛ للانطلاق في رحلة استكشافية إلى كوكب الزهرة وحزام الكويكبات في المجموعة الشمسية.

وشهد القطاع الصحي في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الـ 52 عامًا الماضية قفزات نوعية وإنجازات كبيرة، تتناسب مع حجم المتطلبات والتحديات الصحية الناجمة عن الزيادة السكانية التي شهدتها الدولة خلال هذه الفترة.

ويواصل القطاع حضوره المتميز وريادته الإقليمية والدولية على مستوى الخدمات الطبية والإنجازات العلمية ليؤكد مجددًا جاهزيته وقدرته على مواجهة التحديات الصحية كافة وفق أفضل المعايير والأنظمة العالمية المعتمدة.

وسجل القطاع السياحي في الدولة، أداءً استثنائيًا خلال العام الجاري 2023 عكسته النتائج والمؤشرات الصادرة عن أبرز المرجعيات الدولية المتخصصة التي أكدت مكانة الإمارات في صدارة الوجهات السياحية العالمية المتميزة.

وعلى صعيد البنية التحتية، سجّلت دولة الإمارات إنجازات غير مسبوقة، إذ يستخدم أكثر من 120 مليون مسافر سنوياً مطارات الدولة التي تشهد أكثر من 830 ألف حركة جوية، فيما أسهم موقع الدولة الجغرافي في بناء موانئ متكاملة بطاقة استيعابية تتعدى 50 مليون حاوية سنويًا.

وفي مجال التعليم تأتي الإمارات ضمن الـ 20 الكبار عالميًا في التنافسية العالمية لقطاع التربية والتعليم، وجاءت في المرتبة الأولى عالميًا في المؤشرات الخاصة بمعدل الالتحاق بالتعليم الابتدائي وفي معدل الإلمام بالقراءة والكتابة حسب تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

وحول دور المرأة الإماراتية، كانت ولا تزال المرأة الإماراتية تسهم في بناء ورسم ملامح المستقبل ودعم مسيرة التنمية والتقدم التي تشهدها دولة الإمارات العربية المتحدة على جميع الأصعدة، مثبتة للعالم أجمع كفاءتها وأهمية إسهاماتها، إذ حققت خلال السنوات الماضية العديد من الإنجازات النوعية.

وباتت مشاركة المرأة ركيزة رئيسة في تعزيز قدرات تحقيق الاستدامة على مستوى جميع القطاعات، وضمان مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة، ويمثل إعلان شعار يوم المرأة الإماراتية 2022 " واقع ملهم .. مستقبل مستدام" تجسيدًا دقيقًا لما تعيشه دولة الإمارات العربية المتحدة وما تمثله المرأة في المجتمع.