منذ المقولة المضللة الخطيرة التي ثبت وبسرعة عدم صدقيتها والتي قال قائلها إن كمية المياه الجوفية في المملكة تعادل جريان نهر النيل لمدة 500 عام، وأنا أتساءل: لماذا نحن لا نطالب بمراجع ودراسات تثبت صحة ما ندعي ونقول وما يزعمه أي زاعم سواء من يدعي إنجازا طبيا أو علميا أو هندسيا أو من يدعي سبقا علميا أو طبيا أو هندسيا، أو مسؤول يفاخر بمعلومة مطمئنة وهي في الواقع مخدرة ومخادعة كتلك المعلومة التي ما إن غادر قائلها حتى اكتشفنا أننا أمام أزمة مياه تستوجب التقشف وإيقاف زرع بعض المنتجات.
الأصل في أي معلومة أن تبنى على دراسة علمية محكمة ومنشورة في مجلة علمية متخصصة معتمدة من المؤسسات العلمية العالمية، لكننا ما زلنا وللأسف نستقبل سيلا من المعلومات والنصائح الصحية والنفسية والاقتصادية والاجتماعية والأسرية وفيما يخص الطفولة وجميعها غير مسنودة بدليل ولا بدراسات علمية ولا بمراجع حتى أصبح من هب ودب يفتي في الشأن الصحي والنفسي والأسري دون سند علمي، فخرجت علينا مشهورة تتحدث عن الطلاق والخلع والعلاقات الزوجية الخاصة وهي أصلا فاشلة أسريا وغير مسنودة لا بدراسة محكمة ولا بحكمة وتجربة ناجحة!!، ومن يفتي في الأمور النفسية دون مرجعية علمية فكل مؤهلاته بكالوريس في الطب وتخصص إكلينيكي فقط في مجال العلاج بالأدوية كطبيب نفسي فقط لا علاقة له بأبحاث علم النفس ودراساته وليس لديه دراسة محكمة لما يدعي، إنما يقوله بناء على ظنه هو أو حتى ليس ما يظن ويعتقد إنما ما يبحث به عن إثارة وشهرة، وقس على هؤلاء المهندس والاقتصادي والصيدلاني والطبيب وغيرهم ممن يتحدثون دون سند مرجعي موثوق ومحكم وموثق بالنشر، واللوم ليس فقط عليهم إنما علينا حيث نصدقهم ولم نطالبهم بدليل ونعاقبهم على التضليل.
وفي الجانب الآخر نقرأ أخبارا عن ادعاء إنجازات وأولويات طبية أو هندسية أو علمية وجوائز مزعومة أو من مؤسسات تجارية ربحية من فئة (ادفع نشهد)، وهؤلاء قد يقول قائل دعهم، مالك ولهم؟! والواقع أنهم يدلسون على غيرهم ويستغلونهم طبيا أو هندسيا أو اقتصاديا بالتسويق لأنفسهم، كما أنهم بهذا السيل من الادعاءات والجوائز والإنجازات المزعومة يؤثرون على الإنجازات الوطنية الحقيقية فالبعض يخلط بين الغث والسمين.
لا بد وطنيا من سن تشريعات تحفظ للمعلومة احترامها وصدقيتها وتطالب بسند ومرجع علمي محكم لكل ما ينشر وهو يمس شأنا وطنيا أو يؤثر في الناس ويتأثرون به صحيا أو اجتماعيا أو نفسيا أو أسريا أو يدلس عليهم أو يؤثر في أي شأن من شؤون حياتهم، ومن لا يلتزم يعاقب؛ فنحن نعيش مرحلة جادة حازمة تعتمد على الحقائق والاستحقاق لا الأوهام والاختلاق.
التعليقات