انعقاد "مُلتقى الصحة العالمي"، في الرياض تحت شعار "استثمر في صحتك"، وبدعم ورعاية من وزارة الصحة السعودية، له دلالة مهمة من حيث التوقيت، الذي يأتي في ظل تطور المشهد الصحي الدولي، وهو ما يدعو إلى تطوير الاستراتيجيات المختلفة للحفاظ على النتائج الصحية وتحسينها لمواكبة التحديات الناشئة من الأوبئة المستمرة وظهور الأمراض المعدية وغير المعدية، فضلًا عن آثار تغير المناخ على الصحة والضغوط الناجمة عن أمراض الشيخوخة، والاستثمار في البنية التحتية والتكنولوجية والموارد البشرية والاستراتيجيات الصحية.
الملتقى أكد من خلال فعالياته المختلفة على أن رؤية السعودية 2030 تُشكل حجر الأساس الحقيقي لقطاع الرعاية الصحية في المملكة من حيث الانتقال من النموذج التشغيلي العام إلى قطاع أكثر خصخصة، وأن خطط المشاركة بين القطاعين الخاص والعام في قطاع الرعاية الصحية يُمثل حلًا فعالًا يساعد في رفع الكفاءة والحد من عبء النفقات المتعلقة بانتشار الأمراض غير المعدية، وعلى الرغم من أن القطاع العام يستحوذ على توريد خدمات الرعاية الصحية في السعودية، إلا أن هذا بدوره بدأ في التحول تدريجيًا ليصبح دوراً تنظيمياً بدلًا من كونه مقدمًا لمرافق الرعاية الصحية، وما يؤكد هذا الاتجاه توقيع نحو 51 اتفاقية ومذكرة تفاهم على هامش الملتقى، سواء لوزارة الصحة أو لمختلف المنظومات الصحية المُشاركة.
قدم المُلتقى في نسخة 2023 (8) مسارات تعليمية بما في ذلك مؤتمرات: قادة الرعاية الصحية، ومستقبل الصحة الوقائية، والتمريض، ومستقبل المختبرات الطبية، ومستقبل الأشعة، وجودة الرعاية الصحية، إضافة إلى مؤتمر اللجنة الدولية المشتركة لاعتماد المستشفيات (JCI)، وورشة عمل "التمويل الصحي وإدارة دورة الإيرادات".
ما ميز "مُلتقى الصحة العالمي"، تمثل -برأيي- في استعراض أحدث ابتكارات وتقنيات الرعاية الصحية في مجالات نوعية متعددة في الصحة الرقمية والذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الناشئة.. وللمعلومية، فإن قطاع التكنولوجيا الطبية يبرز كقطاع جذاب لافت للانتباه العالمي للمبتكرين والمستثمرين، ويُقدر سوق التكنولوجيا الطبية العالمي بمبلغ 422 مليار دولار أمريكي في عام 2021، تمثل حصة السعودية من إيراداتها نحو 3 % ومن المتوقع نموه في السنوات الخمس المقبلة إلى 18 %.
القطاع الصحي في المملكة مليء حاليًا بالفرص الواعدة، فهي تسير على المسار الصحيح في أن تكون نموذجًا عالميًا في صناعة الرعاية الصحية العالمية، وهو ما يمهد الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا وصحة للجميع.
"مُلتقى الصحة العالمي"، هو تعبير واقعي عما تذهب إليه بعض التقارير المتخصصة من أن العديد من القطاعات الفرعية الصحية في المملكة يشهد مزيدًا من النمو، خاصة في الصحة الرقمية، والأجهزة الطبية، والأدوية والعلوم الحيوية.
أخيرًا، ما أشهده من خلال نافذة المُلتقى، هو أن صناعة الرعاية الصحية في السعودية تتطور بسرعة ويُقدر أنها ستصل قيمتها إلى 23 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2027، وهذا يعني أن حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده -حفظهما الله- تعمل باستمرار على تعزيز وتحسين المرافق الصحية للمرضى ومقدمي الرعاية الصحية، فالمملكة -بفضل الله- تحتل المرتبة الأولى بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي فيما يتعلق بالإنفاق على الرعاية الصحية.
التعليقات