ملف البطالة من أصعب وأعقد الملفات التي يتم التعامل معها، ونجاح الجهة المعنية بهذا الملف يحتاج إلى احترافية عالية وخطط مدروسة بعناية لكي لا تتأثر قطاعات الأعمال، في الربع الثاني من هذا العام تراجعت نسبة البطالة بين السعوديين إلى 8.3 % واقتربت نسبة البطالة بين السعوديين من مستهدف رؤية 2030 والتي حُدد لها نسبة 7 %، أما البطالة بين السكان عند مقارنتها بنسب البطالة على مستوى مجموعة العشرين فقد احتلت السعودية المركز الثامن في نهاية عام 2022 بنسبة بطالة بلغت 5,7 % بينما كان متوسط 18 دولة عضو 6.7 % وقد تتقدم السعودية في الترتيب كأقل دول المجموعة في نسبة البطالة بين السكان بعدما انخفضت في نهاية الربع الثاني 2023 إلى 4.9 % من 5,7 % وهذا بلا شك إنجاز عظيم يحسب للقيادة الحكيمة والرؤية الناجحة التي تغلبت على كل الأزمات الاقتصادية التي مرت بالعالم، وأثرت على الدول التي لم تتعاف حتى الآن من تبعاتها.
سمو ولي العهد - حفظه الله - ذكر في لقاء تلفزيوني سابق أن 50 % من الوظائف سيئة لا تحقق رفاهية المواطن، وأن الدولة تسعى لرفع الوظائف الجيدة إلى 80 %، اليوم بفضل الله يتحقق جزء من هذا الهدف بعدما ارتفع عدد المواطنين الذين يحصلون على رواتب أكثر من 20 ألف ريال بنسبة 144 % خلال خمس سنوات وهذا مؤشر على جودة التخطيط وكفاءة العناصر البشرية السعودية وقدرتها على الوصول إلى الوظائف النوعية التي تحتاج إلى شهادات متقدمة في تخصصات تتماشى من برامج ومشاريع الرؤية، وأيضا امتلاكهم لمهارات وخبرات متميزة جعلت الشركات تتنافس على استقطابهم أو إحلالهم مكان العنصر الأجنبي، أيضا مشاريع الرؤية وشركات صندوق الاستثمارات العامة فتحت العديد من الوظائف النوعية التي تلبي متطلبات المرحلة القادمة، وهذا الحراك الاقتصادي الكبير في جميع المجالات كفيل بتوفير الحياة الكريمة للمواطنين وتوفير فرص وظيفية لكل شرائح المجتمع، واليوم تشهد جميع مناطق ومدن المملكة مشاريع من شأنها تحريك عجلة النمو النشاط الاقتصادي وتوفير وظائف لأبناء وبنات المناطق المستهدفة بتلك المشاريع ولعل المشاريع السياحية التي أعلن عنها والتي يتم التخطيط لها ستكون أكبر مولد للوظائف لأن السياحة من القطاعات الاقتصادية التي تعتمد على العنصر البشري ولا تتأثر بالتقنية، ولذلك وظائفها من أكثر الوظائف استدامة ومع اكتساب المهارات والخبرات فإنها تزيد من فرص السعوديين للترقي إلى المناصب الأعلى، السعودية من أكبر الدول المستثمرة في قطاع السياحة باستثمارات بلغت 800 مليار دولار في العديد من الوجهات السياحية والمدن، ومع اكتمال هذه المشاريع سوف تولد العديد من الوظائف، وزير السياحة أحمد الخطيب أعلن في مؤتمر السياحة العالمي بالرياض عن إطلاق مدرسة الرياض للسياحة والضيافة بتكلفة مليار دولار، والتي ستوفر أفضل تدريب في مجال السياحة والسفر، وهذه المدرسة سوف تمكن الشباب السعودي من تعلم مهارات جديدة لم تكن متاحة لأن السياحة السعودية كانت مقتصرة على السياحة الدينية أما اليوم فقد أصبحت السياحة جزءا أصيلا من رؤية المملكة ورافد مهم للاقتصاد السعودي والكثير من الدول تعتمد على السياحة كمصدر أساسي للدخل وتوليد الوظائف، وحسب الخطيب فإن نمو القطاع السياحي العالمي يتسارع ويزداد عدد السياح سنويا وأصبحت السياحة صناعة عالمية، حيث كانت السياحة والسفر العالمي تمثل أقل من 3 % من الناتج المحلي العالمي في عام 1970، واليوم تتعافى بقوة من الجائحة وتتحرك بسرعة نحو 10 %، حيث ارتفع عدد المسافرين من 118 مليون مسافر في أوائل السبعينيات إلى ما يقرب من 1.5 مليار مسافر في عام 2019، وذلك يمثل زيادة بنسبة 700 %، متوقعا عودة هذه النسبة قريبا، وازديادها يوما بعد يوم لتتضاعف في العقد القادم.
وقد ساهمت السياحة والترفيه خلال السنوات الماضية في توفير العديد من الوظائف الدائمة والمؤقتة سواء وظائف مباشرة أو غير مباشرة، وهنالك أيضا حراك كبير في مجال الصناعة والخدمات اللوجستية والتعدين وإطلاق مدن صناعية ومناطق حرة للتصدير وإعادة التصدير والدخول في الصناعات النوعية مثل صناعة السيارات الكهربائية التي يتجه لها العالم، ففي الأسبوع الماضي تم افتتاح أول مصنع لسيارات لوسيد خارج الولايات المتحدة الأميركية في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وجاري العمل على افتتاح أول مصنع سعودي للسيارات الكهربائية تحت علامة CEER هذه الصناعات أيضا ستضخ المزيد من الوظائف في سوق العمل.
التعليقات