يواصل الاقتصاد السعودي وتيرته الصاعدة، مُحققاً كل الأهداف والوعود التي وعدت بها رؤية "2030" قبل سبع سنوات، بأن يكون لدى المملكة اقتصاد راسخ وقوي، ويتمتع بالاستدامة، تتنوع فيه مصادر الدخل، وتنتعش القطاعات الاقتصادية غير النفطية، وهو ما تحقق اليوم على أرض الواقع، وشهد به العالم والمنظمات الدولية المتخصصة التي أعلنت أن الاقتصاد السعودي مستمر في نموه، ويحقق المعجزات الحقيقية، متجاوزاً بذلك الأزمات العالمية التي أربكت اقتصادات الدول كافة، وأجبرتها على إعادة حساباتها من جديد.

وبقدر الحيرة والاندهاش من الجميع بشأن وعد الرؤية في العام 2016 بالتقليل من الاعتماد على دخل النفط، بقدر حالة الانبهار اليوم بشأن القدرة على تحقيق هذا الوعد، حيث نما الاقتصاد غير النفطي بمعدل 6.1 في المئة خلال الربع الثاني من العام الجاري (2023)، وهو ما دفع المملكة إلى رفع تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.2 في المئة في الربع الثاني من 1.1 في المئة في تقديرات سابقة أولية.

الشهادة بحق الاقتصاد السعودي جاءت من منظمات دولية كثيرة، آخرها كان صندوق النقد الدولي الذي توقع في بيان أصدره قبل أيام نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي غير النفطي بواقع 4.9 في المئة في 2023، و4.4 في المئة في 2024، ليس هذا فحسب - ووفقاً للبيان - فإن المجلس التنفيذي للصندوق رحّب بالجهود السعودية المثيرة للإعجاب، التي بدأت بالفعل لتعبئة الإيرادات غير النفطية، وكانت نتيجتها مضاعفة الإيرادات غير النفطية منذ العام 2017.

ومن أبرز القطاعات التي راهنت عليها رؤية "2030" قطاع السياحة، الذي أثبت خلال فترة وجيزة أنه قطاع حيوي قادر على رفد الاقتصاد الوطني، وتوفير فرص العمل لأبناء الوطن، فضلاً عن الفرص الاستثمارية المتاحة فيه، وترحب بالاستثمارات المحلية والأجنبية، ويساعد على ذلك نمو القطاع وتوسع أنشطته، ليس في المواقع الدينية فحسب، وإنما في جميع مناطق المملكة من خلال ما تتمتع به كل منطقة على حدة من مزايا نسبية، ليس أولها جمال الطبيعة من جبال وسهول وظواهر فلكية استثنائية والتاريخ القديم، وليس آخرها المواقع الأثرية والتراثية التي تؤكد أن البلاد عائمة على بحر من الآثار القديمة.

قدرة قطاع السياحة على رفد الاقتصاد الوطني أوجزها البنك المركزي السعودي عندما أعلن أن إنفاق السياح الوافدين إلى المملكة خلال الربع الثاني من العام الجاري (2023) بلغ 46 مليار ريال، ما وصل إلى نسبة 133 ٪ زيادة في الإنفاق على السياحة داخل المملكة خلال النصف الأول كاملاً من 2023 بواقع 83 مليار ريال، وهذه الأرقام قابلة للزيادة في الأسابيع والشهور المقبلة، بسبب الاهتمام الرسمي بهذا القطاع والثقة في برامجه.

يمكن القول إن السياحة في المملكة قطاع واعد، يتسلح بدعم الحكومة الرشيدة، التي راهنت على جدواه، وقدرته على أن يكون - بمشاركة قطاعات أخرى - البديل لقطاع النفط، من خلال جملة تسهيلات كبرى، مقدمة للسائح الراغب في زيارة المملكة، هذه التسهيلات تبدأ من بلاد السائح وصولاً إلى المملكة، ومستمرة إلى أن يغادر البلاد سالماً آمناً.