لا جدال في أن أمن سكان شبه الجزيرة العربية لم يستتب ويصبح المواطن والمقيم آمنا على عرضه وحياته وماله إلا بعد أن أنعم الله على هذه البلاد بالملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -تغمده الله بواسع رحمته- الذي أسسها على تطبيق شرع الله وجعل دستورها القرآن الكريم وضرب بيد قوية من حديد على كل من تسول له نفسه الاعتداء على عرض أو نفس أو مال أو ارتكاب أي عمل يخالف كتاب الله وسنة نبيه.
وقبل تأسيس المملكة على يد المؤسس -رحمه الله- كان أجدادنا والمتأخر من آبائنا يروون لنا قصصا مخيفة عن الخوف على العرض والنفس والمال في حلهم وترحالهم وتنقلهم، فلله الحمد قبل وبعد.
وغني عن القول إن تطبيق شرع الله في المجرمين يردع من تسول له نفسه الإجرام، لكنه لا يعني اختفاء الجرائم ولا يحول تماما دون الرضوخ لهوى النفس ووساوس الشيطان بارتكاب الجريمة ولا يضمن السلامة دوما، خصوصا لمن يجعل نفسه في موقف ضعيف يستهوي ضعيف النفس!، لذا فإن الحذر واجب والوقاية مطلوبة ولذلك فإن الجهات الأمنية تكثف التوعية بالحذر من كل خطر، ورجال الأمن البواسل هم أحرص من بعض المتهاونين من المواطنين والمقيمين على أمن المواطن والمقيم، وهذه وربي نعمة أخرى عظيمة ننعم بها في هذا الوطن، ونتميز بها عن كثير غيرنا من دول تدعي أنها سبقتنا تقدما تقنيا، وقد أثبت وطننا أنه تخطاها بمراحل في مجالات شتى، خاصة في هذا العهد الذي رسخ مبدأ الحزم والعزم والعقاب والثواب فأصبح كلٌ يقوم بمهامه بحرص وإخلاص وحذر من التقصير، وقد استشهدت في مقال سابق وعديد من التغريدات بموقف دولتنا -أعزها الله- مع المواطن والمقيم والمخالف في أزمة كورونا.
هنا سوف استشهد بموقف لمواطن أعرفه جيدا وتثبت من تفاصيل روايته، ولم أكن قط مداحا (إلا في حق وبعد تثبت) ولا متزلفا أو مداهنا أو مجاملا، لكن انتقد السلبي لإصلاحه وامتن للإيجابي وصلاحه.
يقول المواطن: قررت وزوجتي وطفلي السفر لقطر بالسيارة لأربعة أيام (هي إجازتي المتاحة) هربا من ضغط العمل في شركة لا تكف عن تكاليف العمل حتى في الإجازة ما دمت داخل المملكة، ولأن أرض الأسفلت حارة جدا (وخوفا من تكليف صباحي مفاجئ) سافرت في ساعة متأخرة من الليل.
وعند منتصف الليل وقبل الوصول لمنفذ سلوى بنحو ساعة (80 كيلومتر) انفجر إطار السيارة في منطقة شبه مقطوعة وأصاب زوجتي وطفلي الفزع من الظلام والسكون وأسقط في يدي، ولعلمي أنه لا يوجد لدي إطار احتياطي، قلقت، ومن لا يخاف لا يسلم، ففكرت في الاتصال بأحد تطبيقات المساعدة، لكن زوجتي أخبرتني أن أحدا لن يحضر لنا في هذه الساعة المتأخرة وفي هذه المنطقة المعزولة إلا رجال سلمان بن عبدالعزيز وأن علي أن اتصل بأمن الطرق، ففي ذلك لنا (بعد الدعاء والأذكار) أمن وأمان واطمئنان وحل بحول الله.
يقول: اتصلت بأمن الطرق، وما أن علموا بأننا عائلة وأن ليس لدينا إطار احتياطي كان توجيههم بأن أبقى في السيارة وأن فرقة منهم ستحضر عاجلا وأنهم سيتواصلون مع (سطحة) للحضور ونقلنا لأقرب محطة تستبدل الإطار، ليس هذا وحسب، بل إنهم وزيادة في لطفهم وحسن تعاملهم خيروني بين الاستمرار في الطريق باتجاه منفذ سلوى أو العودة للأحساء، وبقوا معي على اتصال مستمر يطمئنون، وعندما سمع المتصل صوت الطفل سألني إن كان الطفل يحتاج لما يشرب أو يأكل ولم تمض بضع دقائق إلا والدورية تصل لنا، ثم يصلنا اتصال من أمن الطرق يشعرنا بأن صاحب (السطحة) طلب 400 ريال فهل السعر مناسب أم لا؟! وهذا وربي قمة التلطف وحسن التعامل الذي لا يمكن أن يحلم به مواطن في أي بقعة من هذا العالم، يقول: شعرت بغصة في حلقي، ليس سببها الحزن بل الفخر والسعادة والامتنان والخجل وأنا أقول نعم السعر مناسب.
يقول بقيت الدورية معنا تؤنسنا وأفادني قائدها أن تعليمات عمليات أمن الطرق أن تنطلق لكم دورية من مركز سلوى أو من الأحساء أيهما تصل أسرع (يا له من اهتمام يعكس قيمة مواطن السعودية العظمى والمقيم فيها) وبقي معنا يطمئننا أكثر من ساعة حتى وصلت (السطحة) وضمن نقلنا بطريقة صحيحة.
قلت: إن السؤال الأهم الجوهري، سؤال التريليون الذي يساوي وزن (السطحة) ومن تحمل ذهبا، هو ليس كم سعر (السطحة) بل كم قيمة المواطن السعودي لدى قيادته؟! إنه غالٍ جدا فلا يقدر بثمن.
التعليقات