منذ نشأة المملكة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، وهي تسير على مبادئ الاعتدال والوسطية والرحمة، التي جعلت منها دولة استثنائية في المنطقة والعالم، تحمل رسالة إنسانية شاملة، أرادت إيصالها إلى العالم أجمع، تؤكد فيها على سماحة مبادئ الإسلام الحنيف، والتزام دعوته بنشر السلام والوئام والتآخي بين البشرية جمعاء.

هذه المبادئ أعلنت عن نفسها في أعمال المؤتمر الإسلامي الدولي "التواصل مع إدارات الشؤون الدينية والإفتاء والمشيخات في العالم"، الذي اختتم أعماله يوم أمس في مكة المكرمة.. وفيه أجمع ضيوف المؤتمر على أن المملكة لا تتوانى في إرساء تعاليم هذه المبادئ في العالم الإسلامي، من منطلق دورها المحوري، كدولة حاضنة للحرمين الشريفين، وراعية للإسلام والمسلمين في أصقاع المعمورة، ولعل إقامة المؤتمر في مدينة مكة المكرمة تحديداً، فيه رسالة ضمنية بأن هذه الأرض الطاهرة ستبقى مكاناً لكل المؤتمرات الإسلامية العالمية.

ويجسد المؤتمر الكثير من المعاني الإسلامية السامية، وعلى رأسها المعنى العظيم للتشاور، وهو مبدأ تبنته المملكة في نظام الحكم، فأصبحت مثالاً يُحتذى به في تعزيز الدعوة إلى الله تعالى، وفق منهج الكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة، هذا المنهج يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ويحافظ على الثوابت، مع الأخذ بالمتغيرات فيما يحقق المصلحة الدينية والدنيوية.

واللافت في أعمال المؤتمر، إطلاقه تحذيرات واضحة من استغلال الدين الإسلامي في التوظيف السياسي، في إشارة إلى بعض الجماعات الحزبية التي اتخذت الدين ستاراً لأهدافها السياسية، الأمر الذي جعل الدين سُلّماً لتحقيق أهداف شخصية، وهو ما يستدعي من المسلمين كافة تكثيف الجهود لمعالجة إشكاليات توظيف الدين في السياسة.

ولطالما تحدث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عن سماحة الدين الإسلامي، وشدد - حفظه الله - على أهمية الاعتدال فيه، وأكد أنه مطلب شرعي وضروري لمواجهة ما تعيشه الأمة من اضطراب وتجاهل للأسس والمبادئ، ولتعزيز وحدة البلاد وقوتها والمحافظة عليها، وأشاد - سلّمه الله - بعبارات صريحة وواضحة، باعتدال المؤسِّس الملك عبدالعزيز في سياسته الخارجية، عندما كان محاطاً بالقوى الاستعمارية التي كانت تراقبه، وتحاول منعه من إعادة تأسيس الدولة السعودية، وتمكنه من تجاوز أخطارهم.