تستهدف معظم كتب السير الذاتية تقديم الخبرة الحياتية التي عاشتها شخصيات عظيمة، قدموا من خلالها عطاء إنسانياً عظيماً، أو تجربة في المجال السياسي أو الاقتصادي أو في أي مجال من مجالات الحياة المختلفة، بشرط -كما أرى- أن يقوم بكتابة السيرة الذاتية كاتب متمكن عن تلك الشخصية البارزة صاحبة الباع الطويل في مجال ما.

أما أن يقوم الشخص بالكتابة عن نفسه، فأعتقد أنه غير مناسب -حسب رأيي الشخصي- ونقصد هنا بالسيرة السردية التي تكتب في كتاب كامل على شكل مقالي أو سردي، حيث سوف يتبادر إلى ذهن القارئ الكريم السيرة الذاتية الخاصة بالعمل والوظائف، وهي ليست مجال حديثنا هنا.

لكن تظل السيرة الذاتية ذات قيمة كبيرة إذا كتبت عن شخصيات ذات باع طويل، وتجربة كبيرة تستحق الالتفات إليها والاستفادة منها كتجارب إنسانية تساهم في البناء والنماء.

يأتي بعد ذلك السيرة الروائية، وهي فن خالص بذاته، قدم عبر عقود، وربما ظهرت معالمه الأولى في سبعينات القرن الماضي مع كتاب أجانب، ثم تلا ذلك تجربة الكاتب المغربي محمد شكري في «الخبز الحافي» التي وجدت صدى كبيراً في الأوساط العربية والأجنبية، كأول رواية خرق تابوهات كانت شديدة التحريم في الوطن العربي، عبر كشفه لأسرار شخصية وتجارب حياتية مرت به في طفولته وفي مراهقته. وتلت ذلك أعمال روائية كثيرة بنفس النمط.

المهم في الموضوع أن الرواية تظل هي التاريخ الخفي الذي لا يكتبه المؤرخ، والذي يعكس كثيراً من الجوانب التي يعيشها الناس في مجتمع ما، دون أن يكون هناك أي قيود رقابية على ما يطرح إذا كتب كتاريخ لمرحلة ما.