الفرص الابتكارية التي تَعِد بها تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي كثيرة، بدءاً من أسهل المهمات في مساندة المستخدمين وانتهاء بأعقدها. ما قدم حتى الآن هو نموذج قادر على أن يلبي متطلبات شريحة كبيرة من المستخدمين، لكن مهما كان النموذج قوياً لا شيء يفوق التخصص.

من مجالات التخصص في النماذج التوليدية وجود نموذج لتعلم متطلبات مستخدم واحد، يعمل النموذج مثل المساعد الخاص الذي سيأخذ وقته حتى يتعلم عاداتك الشخصية: بماذا تحب أن تبدأ صباحك، وما جدولك لذلك اليوم، وما تحتاجه للإعداد لاجتماعك القادم. ما تحدث عنه الخيال العلمي أصبح أقرب من ذي قبل، لكننا لم نصل بعد.

يمكن للنموذج التوليدي أن يتخصص في مجال عملك لتنفيذ مهمات من أهمها المراجعة والتصحيح، في هندسة البرمجيات، يتحمس الكثيرون لفكرة البرمجة التي تنفذها النماذج التوليدية، بما أن التطبيق يستطيع الإجابة عن طلب كتابة برنامج أو مراجعته، صحيح أن البرنامج قادر على تلبية طلبات البرمجة، لكنه بقدراته الحالية لا يصلح أن يوظف لتطوير تطبيقات كبيرة، الفرصة مواتية لإيجاد تطبيق يساند المبرمجين ضمن أدوات التطوير المعتمدة لذلك، فيكون على اطلاع كامل على كل البرمجيات، وينفذ المراجعة والتصحيح تلقائياً، إضافة إلى تنفيذ تعليمات التطوير التي يستقبلها من المبرمج.

تتعدد مجالات تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي من المساعدة في كتابة رسالة إلكترونية إلى تلخيص التقارير وتصحيحها، لكنها في كل ذلك تعتمد على النص المكتوب ولم تطور بعد خاصية المحادثة الصوتية. إضافة إلى المحادثة الصوتية التي تزيد من حجم التفاعل وسرعته، ومع ظهور تطبيقات متخصصة، لا غنى عن تطوير قدرات الإبصار أيضاً. في الاجتماعات مثلاً، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتعرف على الحضور مستمعاً إلى النقاشات لصياغة المحاضر. في الهندسة، يمكن تقويم النماذج الهندسية أو إعادة إنتاجها بالمستشعرات. إذا دمجت قدرات المحادثة مع الإبصار، يتبقى التحكم الآلي، لنصل إلى ذكاء اصطناعي أكثر استقلالاً وإنتاجية.

إذا نظرنا إلى فرص التطوير، سندرك أن الذكاء الاصطناعي مارد ما زال محبوساً في قمقم الإنترنت. المؤشرات التي تظهر جلية ترسم لنا صورة مختلفة تهون عندها المخاوف التي يعظمها المتخصصون اليوم. تسارع التقنية المذهل الذي دفع بمطالبة الشركات الكبرى بعدم التسرع في طرح ابتكاراتهم حتى يستوعبها المجتمع، ربما يدعو إلى توقف بعض الابتكارات لما يحيط بها من محاذير.

ما يجب أن ندركه أن حجم التحول كبير، وما يشاع من مخاوف حقيقي، لكن لا سبيل لمواجهتها إلا بالتجربة. الدول النامية ودول الصناعات الناشئة في موقف ضعيف، فهي تجري في مضمار قديم ما إن تقدمت فيه إلى مراكز أمامية، حتى أتى من يغير المضمار ويضع قوانين جديدة لسباق المستقبل. حلم التنمية يبدو قريباً أو في متناول اليد، لكن مع ما نراه من تحولات يبدو للبعض حلماً يزداد ابتعاداً كلما اقترب.