تعتبر مرحلة تصمیم الفلل من المراحل الأولیة في صناعة المبنى للفرد أو للمطور العقاري وعلى الرغم من عدم وجود ثقافة عالیة لأهمیة هذه المرحلة إلا أنها تعتبر عالیة الأهمیة قلیلة التكلفة مقارنة بما سیتم دفعه لإنشاء المنزل تحتاج من خلالها إلى كامل الوقت والتركیز للخروج بدراسة سلوك العائلة أو الأشخاص الذين سیعیشون داخله، ولأجل ذلك فقد عرف المعماریون نظام برمجة المشروع ووضع الجداول الفراغیة والمساحات القیاسیة لكل مشروع ودراسة العلاقات الوظیفیة للخروج بالتصمیم الأمثل للمشروع.
في الریاض وحین ملاحظة مراحل تطور تصامیم المسكن خلال العقود الماضیة نرى بأنه بعد الانتهاء من مرحلة بیوت الطین والتي أُوجدت من خلال طبیعة المعیشة والظروف البیئیة وفق مواد البناء الطبیعیة المستخدمة كان التركیز على وجود الحوي الداخلي المسمى بـ (بطن الحوي) كفراغ مركزي تكون جمیع الإطلالات حوله ویعمل على تلطیف الأجواء الحارة من خلال كسر أشعة الشمس وتحریك الهواء وتبریده. أما في منتصف سبعینات القرن الماضي تم الانتقال تدریجیاً إلى البیوت الخرسانیة وصاحب هذا الانتقال تغییر في نوعیة التصامیم بالتركیز على اختیار الفلل بمساحات متوسطة ذات أحواش خارجیة كبیرة وتحقیق جمیع الفراغات التي یمكن ممارستها من الضیوف بشقیهم رجالاً ونساء والمعیشة التي تكون في منتصف المنزل بعكس ما كانت سابقاً وجعل الدور الأعلى أجنحة معیشیة وصالة ثانویة مع إهمال الدور الملحق وجعله منطقة خدمیة بالكامل، أما الطابع الخارجي للفلل فكان یتم تصمیمها بالانعكاس على الفراغ الداخلي انعكاس الداخل على الخارج وكان الاهتمام بالفن التجریدي و تكراره إما بأقواس أو أنصاف الدوائر ( وتفاصیل الحدید على النوافذ، ویتم اختیار مواد البناء الطبیعیة الاكثر تطوراً في البناء مثل الحجر والرخام والقرانیت، اما في نهایة التسعینات وبدایة الالفیة فقد تطور التصمیم والذي تم فقد جزءا كبیرا من هویتنا وفقد كثیر من احتیاجاتنا داخل المنزل وأصبح الاهتمام أكثر بالشكل الخارجي من خلال المبالغة بالزخرفة والأشكال الهندسیة وعدم دراسة طبیعة الأرض مع تغیر مواد التشطیب الخارجیة إلى مواد بسیطة بألوان محایدة مملة لا یوجد فیها دمج المواد الطبیعیة بالمواد الصناعیة، خلال العقد الماضي ونتیجة لارتفاع أسعار الأراضي داخل المدینة توجه عدد من طالبي الشراء إلى أراضي أقل مساحة كان فیها تحديا كبیرا للمعمارین للخروج بتصامیم أكثر كفاءة تم خلالها دمج عدد من الفراغات والاهتمام بكمیة الزجاج الخارجي والتشجیر الطبیعي ربط الداخل بالخارج وإبعاد الفراغات الأقل احتیاجاً عن المنزل بواجهات بسیطة التكلفة قلیلة المواد، وحقیقة لابد أن نشیر إلى تطور المسكن السعودي ناتج عن عدة عوامل أبرزها: ارتفاع مستوى وعي شركات التطویر العقاري بالاتجاه إلى مكاتب هندسیة ذات جودة عالیة وإقرار العمل بنظام كود البناء السعودي مع وجود الاكواد العمرانیة مثل كود وادي حنیفة -كود المسار الریاضي ساهم بتوحید الطابع العمراني واستدامة مبانیها المتوقعة خلال الاعوام القادمة.
قد یرى قارئ المقال أن الكاتب والمجتمع بشكل عموم قد توصلوا إلى رضا تام عن آخر تطور لمراحل مسكن مدینة الریاض إلا إني أحب أن أشیر أننا في آخر مراحل هذه الموجة وبحسب الطبیعة البشریة فإن الإنسان إن كان یألف ما یسكن فإنه بعد تغیر الأجیال واختلافها والعولمة المتسارعة بین أطیاف مجتمعنا بالخارج ونتیجة لعدد من التحدیات التي قد تواجهنا في المستقبل فإن المجتمع مقبل على مرحلة مقبلة لابد یصاحبها وعي المعماریین لدراسة الاحتیاجات أكثر والوصول بحلول أكثر جودة وفق توحید للطابع المعماري والعمراني للمدینة وهذا یفتح المجال إلى ظهور موجة من المعماریین على الساحة نامل بان یعي المعماري السعودي قیمة المرحلة والفرصة حیث ضرورة مراعاة الأوضاع المالیة للفئات المستهدفة والمساعدة في تحقیق حیاة اجتماعیة أكثر رفاهیة والرجوع إلى كل مرحلة من البناء وأخذ ممیزاتها للخروج بمنتج مبتكر.
w
التعليقات