تمت إحالتي على التقاعد بموجب النظام لبلوغي ستين عاما خدمت فيها ديني ومليكي ووطني، وأحببت الاستشهاد بعدة أمور وهي:
أولا: إن التقاعد ليس نهاية المطاف وإنما مرحلة طبيعية من مراحل الحياة يمر بها جميع فئات وشرائح المجتمع وهي بداية لحياة أخرى جميلة جدا لمن يوفقه الله باستثمارها الاستثمار الأمثل.
ثانيا: إنني خرجت من حياتي الوظيفية وأنا بأتم صحة وعافية وهذا من فضل الله تعالى علي، فأحمده وأشكره وأثني عليه إنه سميع مجيب.
ثالثا: حققت بفضل الله أهدافي التي رسمت وخططت لها في حياتي وطموحاتي التي كان يرغبها والدي أثناء تربيتهم لي في بداية الحياة حتى وصلت لأعلى المراتب في سلم المراتب الوظيفية مستشهدا بقول الشاعر زهير بن أبي سلمى:
ومن لم يصانع في أمور كثيرة
يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
وقول الشاعر:
لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله
لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
رابعا: قام زملائي وزميلاتي بالعمل بتكريمي وتقديم شهادة أعتز بها من الكلام الجميل والإشادة بما رأوه وبما تعاملوا به معي أثناء مرحلتي الوظيفية ورحلة العمل وهذا هو المكسب الحقيقي وتعتبر تاج على راسي ووسام على صدري وأفتخر بها ما حييت.
خامسا: وصلتني بعد التقاعد بل انهالت علي العديد من الاتصالات والرسائل والقصائد الشعرية من المحبين من الزملاء والأصدقاء وأبناء العم وجميع فئات المجتمع وفيها من الثناء والشكر وعبارات التكريم ما يشعر الإنسان أنه فعلا قدم كل ما يستطيع وبذل قصارى جهده لخدمة الجميع ليخرج بهذا النموذج المشرف من التعامل مع الآخرين وبذلك فإن كل ما حصلت عليه هو بتوفيق الله ثم بما قدمته وعملته وأنجزته وحققته طول مسيرة حياتي الوظيفية.
ومن خلال ذلك انتهزها فرصة لأقدم نصائح ودروسا مستفادة للقادمين للحياة الوظيفة من واقع الخبرة وهي عدة رسائل أهمها:
1- راقب الله في عملك وفي أمانتك وفي تعاملك مع من حولك ولا تظلم أحدا، فكل له ظروفه ووضعه الخاص وإمكانياته، واعلم أن الناس مستوياتهم وعقولهم مختلفه تماما فأعط كل إنسان على قدر فهمه.
2- احترم الآخرين تحترم ولا تأخذك العزة بالإثم، واعلم أنك سوف تصل يوما إلى مرحلة التقاعد وتوقف العمل الوظيفي وتبدأ حياة الحرية المطلقة فاحسب لهذا اليوم ألف حساب وستجني ما صنعت فإن كان خيرا حصدته وإن كان شرا وجدته.
3- كن مؤثرا بالايجاب في بيئة العمل واجعل الموظفين يعملون بروح الفريق لتحقق أهداف العمل بكل سهولة وبأسرع الطرق وأسهلها.
4- لا تتأخر ولا تتوقف عن التطوير ولا تمل بل طور نفسك وعملك وموظفيك وشاورهم واسمع لآرائهم وامنحهم الصلاحيات الكافية وفوضهم بما تراه مناسبا واصبر على ضغوط العمل ومتغيراته واقبل التغيير وواكب مستجدات العمل لتكون مع الأحداث ساعة بعد ساعة وتحقق كل ما هو جديد ومفيد ومتقدم.
5- اترك أثرا جميلا في نفوس موظفيك ولكل من سيقوم بالعمل بعدك وفي مختلف المجالات وكن مثالا للخلق الطيب والتعامل الراقي والاحترام المتبادل مع الجميع.
6- لا تغفل دائما في صلاتك عن الدعاء بين السجدتين في حديث رسولنا محمد اللهم صل وسلم عليه:(عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السَّجدتَين: «اللَّهمَّ اغْفِرْ لي، وارْحَمْنِي، وعافِني، واهْدِني، وارزقْنِي»، وأسأل الله لي ولكم دوام الصحة والتوفيق وطول العمر.
محسن البقمي
التعليقات