نعم احذرْ الفضوليين؛ أو بمعنى أصح، لصوص السعادة. فقد تجد أحدهم يدخل إليك بصفة مصلح اجتماعي، حيث يمطرك بوابل من الأسئلة الفضولية مثل: هل البيت ملك؟ فترد بنعم. كم مساحته؟ هل هو مرهون للبنك أم لا؟. وهكذا؛ فهو مُحضّر جيداً، ويريد أن ينقل الحديث إلى محور آخر: هل أنت متزوج؟ وإذا قلت: نعم، والحمد لله؟ يفاجئك بسؤال آخر: لماذا لا تتزوج الثانية؟ وهكذا، يمطرك بأسئلة سمجة، تدل على الفضول، وضحالة التفكير، فهو يعيش في أزمة، ويفتقد السعادة. لذا يحب أن يتلذذ بتعاسة الآخرين، يوهمك ببعض القصص البطولية في هذا المجال، وقد يلعب دور البطولة، ويحكي لك عن مغامراته البطولية، وبذلك قد يصدقه بعض السذج والمغفلين، فيقع المحظور. فكم بيوت تهدمت، وزوجات طلقت بفضل أفكار وهرطقات لصوص السعادة. لذا؛ فلنكن على حذر من هؤلاء، فهم يعانون من مرض مزعج يتأذى منه الجميع، ويصعب علاجه، وتظهر أعراضه على حامله، فلا يراها المصاب بها بقدر ما يتأذى منها غيره، فهولاء يعانون من نقص، فيحاولون إكمال هذا النقص بالتدخل في شئون الغير، والزج بأنوفهم فيما لايعنيهم، كما يحاولون التدخل في أي شي ومعرفة أي شي، يحضر الكثير منهم المناسبات الخاصة والعامة ليرضي نهمه بجمع أكبر كم من المعلومات، كما يحاول أن يوهم البسطاء بمعرفة كل شي لذا تجده محاطا ببعض البسطاء والمغفلين الذين يعتقدون بأهميته؛ بل تعدى ذلك الأمر ومع ثورة التقنية والاتصالات إلى أن يكون البعض منهم مجموعات «واتساب» يجمع فيها من هم على شاكلته بهدف تداول أسرار الناس ونشر الشائعات، وهكذا فهو في حقيقة الأمر شخص مهووس مغلوب على أمره يفتقد اللباقة وحسن الخلق، غالبا هوايته المحببة تداول أسرار الناس ونشر الشائعات بل ونسج القصص الخيالية والتدخل فيما لا يعنيه؛ لذا تجده يعيش حسرة دائمة بسبب انشغاله بغيره ولأنه يفتقر إلى القناعة للاكتفاء بما عنده والرضا بما يملكه، فهو بذلك في حاجة إلى العلاج وتدارك نفسه قبل فوات الأوان.

حمود دخيل العتيبي