شكلت كتابة القصة حالة متفردة لديه وأسس شبكة القصة العربية ويعتبر أحد رواد القصة القصيرة وقصص الأطفال في المملكة، القاص والكاتب السعودي جبير المليحان، يتحدث لصفحة زاد المعرفة عن تأثر إنتاجه الأدبي بالمكان والبيئة وجوانب ثقافية من خلال الحوار التالي:
بصفتك رائداً من رواد القصة القصيرة جداً، كيف كانت النقلة من الاختزال إلى فضاء السرد الروائي؟
أزعم أنني أول من كتب هذا النوع من القصة القصيرة جداً في المملكة، حيث كتبت عقداً قصصياً يوم 10 /04 / 1976، ونشرت إحدى عشرة قصة صغيرة في المربد من خلال ملحق اليوم الثقافي في نفس الفترة، ونفس القصص ضمن مجموعة (قصص صغيرة) دار المفردات عام 2009، مطبوعات نادي الجوف الأدبي. وفازت بجائزة أبها عن الفرع الأدبي لعام 2010.
أما الانتقال من الاختزال إلى فضاء السرد الروائي؛ فأنا كاتب هاوٍ أجرب في أوقات غير منظمة، وبحسب الرغبة وسائل التعبير المناسبة لإمكاناتي وتجربتي، وما زلت على ذلك، لقد رسمت اللوحات الزيتية، وكتبت الشعر النبطي وشعر التفعيلة، وكتبت القصة بأنواعها، ومسودات المطولات السردية، ومارست فن الخط، وتخلصت من الكثير مما نشر لي سابقاً، أو ما غصت به الأدراج. لكني وجدت إمكانات التعبير عندي بالسرد؛ في القصة والرواية.
وكانت تجربتي الأولى التي تجرأت على نشرها هي رواية (أبناء الأدهم) عام 2016، والتي توجت بجائزة وزارة الثقافة والإعلام 2017، بعدها أصدرت مجموعتين قصصيتين عام 2022 (مراجيح بشرية) و(سيرة الصبي) والآن هذه تجربتي الثانية في رواية (أول القرى)، مستمراً في التجريب، ولدي الآن الجزء الثاني من مجموعة (قصص صغيرة) وسينشر هذا العام، كما جهزت خمسة كتيبات لقصص أطفال بالرسومات، وستصدر تباعاً، دائمًا أردد لنفسي أن طريق الإبداع مفتوح، وطويل، لكن مسافته تتناقص بالنسبة لي.
كنت أول من أسس شبكة للقصة العربية نهاية التسعينات، وبعد أن وجد الموقع متابعة كبيرة عربياً، توقف، ماذا عنه اليوم؟
أسست شبكة القصة عام 1998، واستقطبت الكثير من مبدعي القصة العرب، بأسمائهم الحقيقية، وعززت موقع القصة بمنتدى القصة التفاعلي الحواري عام 2004، ثم بجريدة القصة العربية عام 2008، وخلال هذه المسيرة استمر عطاء المبدعين في التواصل والنشر، وطبعنا (ورقياً) خمس مجموعات قصصية مشتركة ساهم فيها كتاب القصة العرب من محتوى موقع القصة الذي تجاوزت نصوصه العشرين ألف قصة.
ولتطور وسائل التواصل كنا نجدد التحديثات باستمرار دون رعاية أو تمويل من أحد، يكفي أن يبدع الكتاب نصوصهم، ونحن نتولى النشر، بعد التقاعد ضاق الحال قليلاً، وكثرت أعباء الخادم والصيانة ومتطلبات الأمن للشبكة، ولم نجد داعماً يتولى ذلك، ونقلنا الشبكة بكامل محتوياتها وبتصميم جديد لشركة وطنية متحمسة وجديدة، لكن هذه الشركة ابتليت ببعض الإشكالات إبان كورونا، مما أفقدها موظفيها ومبرمجيها، والآن نحاول إيجاد بديل لتعود الشبكة إلى التنفس من جديد.
رغم كونك كاتباً (قديماً) كما يقال، يثار أنك تأخرت في نشر أول مجموعاتك القصصية، ماذا يعني ذلك؟ وهل أنت مع الاستمرار في طباعة المنتج الأدبي في كتاب؟
أكتب من بداية السبعينات في القرن الماضي، حيث نشرت الكثير من القصص في المجلات والصحف السعودية والخليجية، لكنني لم أطبع أي مجموعة، وكنت أحرر صفحة الطفل في جريدة (القافلة) الأسبوعية التي تصدرها شركة أرامكو السعودية، واحتفلت الشركة باليوبيل الذهبي لقافلتها الشهرية، وتم اقتراحهم أن يرفق مع عدد الاحتفال كتاب قصص للأطفال من التي كنت أنشرها في القافلة الأسبوعية، ووافقت بعد أن أخبروني أنهم سيطبعون من كتابي (الهدية) 150 ألف نسخة توزع مجاناً مع القافلة الشهرية، كان هذا عام 2004، وعند قناعتي بالنشر بعد أن تجددت إدارات الأندية الأدبية، بدأت النشر لمجموعاتي الأخرى.
ص* كونك ابن مدينة حائل كيف أثرت فيك الطبيعة والبيئة المكانية؟ وهل انعكس ذلك في أعمالك؟
أنا ابن هذه الأرض، بجبالها، وصحاريها، وبحرها، وناسها، سكان المدن، القرى، البادية، وكلها عشتها، وطبيعي أن أكتب عن واقعي، سواء أعجبني أو لا، فأنا ابن البيئة، الواقع شيء بمحاسنه، ومساوئه، لكن الكاتب يمزج كل هذا وينقضه، أو يطوره أو يبشر برؤية ما، كما يعتقد.
ماذا تعني لك الكتابة للأطفال؟ وما خصوصية هذا الجانب؟
كتابة قصة الطفل صعبة، وتحتاج إلى معرفة تامة في مراحل النمو العقلي والنفسي وقاموس الطفل اللغوي، مبتعداً عن الوعظ والمباشرة، ووجود هدف أو رسالة، ولينجح الكاتب في كتابة قصة جيدة للأطفال لابد أن يكون قادراً على أن يتحول إلى طفلٍ أثناء الكتابة؛ بخياله المفتوح وأحاسيسه تجاه الأشياء ومكونات الطبيعة، وهي بعد ذلك ممتعة جداً، وما يحكم نجاحها أو فشلها الأطفال أنفسهم بعد أن يقرؤوها أو يسمعوها.
كيف ترى دور النقد الأدبي؟ وهل لا يزال الناقد حاضراً في المشهد لخدمة الإبداع؟
للأسف لدينا أنهار من الإبداع الروائي والقصصي والفني والمسرحي لا يواكبه تيار قارئ ناقد، النقد الموجود فردي، وهو جاد ومضيء، لكنه لا يشكل تياراً بارزاً، أو قريباً من غربلة المنتج الإبداعي وإضاءته، بعض من يحسبون في الوسط الثقافي نقاداً أشبه بالنائمين في أكاديمياتهم.


التعليقات