في حديث جانبي، أثاره أحد زملاء العمل، مضمون هذا الحديث كان عن ضوابط التأمين الصحي، ومشروعية سلوك بعض الأطباء الذين يغالون ويبالغون في قيمة فاتورة الكشف الطبي، وما تبعها من إجراءات صحية إضافية لا مبرر لها، خلاف قياس مؤشرات الوظائف الحيوية، فواقع ما يحدث هو أن هناك من بعض الأطباء المباشرين، ما أن يدرك بأن المريض الذي يجلس أمامه، حاصل على تأميناً صحياً، حتى يبادره بطلب عمل تحاليل مخبرية كثيرة بعيدة كل البعد عن مسار المرض وعن تاريخه المرضي، بالإضافة إلى عمل أشعة بمواضع لا علاقة لها بموضع الوجع، وبناءً على درجة التأمين وفئته يتم التعامل مع المريض مادياً. لا أفشي سراً إن قلت إن بعض الأطباء الذين يعملون لدى بعض المستشفيات الخاصة يسيل لعابهم حين يظفرون بمريض يحمل تأميناً صحي، فئة vip أو فئة A+ بصورة خاصة وهذا السلوك يستشعره الكثير من المراجعين الذين يحملون تأميناً صحياً، وإن اختلفت المعاملة وتغيرت المعادلة بشكل أو بأخر الأمر الذي أدى إلى تذمرهم من هذا التصرف، وهذا السلوك ليس بالسر الذي  يخشى إذاعته. وانطلاقاً من هذ المبدأ سأروي لكم تجربتي في هذا الجانب من خلال موقفين اثنين مررت بهما في مشفيين مختلفين، قطع هذين الموقفين الشك بسكين اليقين، وأيقنت أن المسألة فيها تعدّ واضح، لخصتها عبارة (عندك تأمين)، أول المواقف كان حين عزمت الأمر على خلع أحد الأضراس وأنا في كامل قواي العقلية، المهم أن تكلفة خلع الضرس، كما هو موضح في لوحة الإعلانات الخاصة بالعيادة، يبدأ من 300 ريال إلى 900 ريال وهو أيضاً ما أوضحته لي إحدى الممرضات، ترتفع هذه التسعيرة تبعاً لمعايير صحية، وتقييم الحالة فيما إذا احتاج المريض إلى إجراء عملية جراحية جانبية، والعجيب أن الطبيب يلجأ عادة إلى السعر الأعلى من سقف التكلفة وهو 900 ريال دون أن تكون هناك أي دواع أو مبررات لهذه الزيادة، وهنا مرمى السهم.

الموقف الآخر وقع حين داهمتني آلاماً شديدة جداً في الكتف الأيسر بشكل مفاجئ ناتج عن إجهاد عضلي قوي لتمارين رياضية ثقيلة، وكان لزاما عليّ الذهاب إلى مستشفى خاص، لعمل الفحوصات الأولية كما هو معتاد في مثل هذه الحالات، فوجئت بطلب الدكتور عمل عدة تحاليل للدم ليس له علاقة بالحالة الصحية، طبعاً كل ذلك بعد أن سألني ابتداءً عن نوع التأمين الذي أحمله، أتفهم ويتفهم أي مراجع طلب عمل أشعة سينية للعضو المصاب لأي مريض فهذه الخطوة هي إجراء روتيني سليم لتشخيص الحالة والوقوف على حقيقة مسببات الألم، لكن ما سوى ذلك إجراءات لا معنى لها سوى زيادة التكلفة المادية هو أمر يدعو للارتياب. من المعلوم أن التأمين الطبي وجد من أجل تخفيف اعباء التكاليف الطبية على المريض بالدرجة الأولى وإضفاء شيء من المرونة في العملية الصحية، لسرعة إنجاز الإجراءات الصحية المتعلقة برعاية المريض، وأدائها بما يراعي مصلحة حالته الصحية طوعا واختياراً، بمنأى عن المخاطر، بعيدا عن الخوف والقلق، وليس لأجل استغلال الثغرات القانونية الموجودة في سياسة التأمين.