سفر جميل ورشيق في ثنايا رحاب الحرف الذي لا يخفت بريقه، يأتي بوجهه المشرق ليسعد القلوب بالجمال، فهناك العديد من الكُتُب ترى وأنت تغرق في بحر قراءتها ما بين المدِّ والجزر أن عنوان الكتاب كان معبراً تماماً عن مضمونه، يشعل جذوة الفكر، مبلوراً ما احتوت صفحاته وهذا الوصف ينطبق على كتاب: «هلاَّ شققت عن قلبه!»، للكاتبة الأستاذة تغريد إبراهيم الطاسان.
فكرة الكتاب
لكل كتاب قصة، تبدأ من فكرة في مخيلة المؤلف حتى تنتهي، وعن فكرة الإصدار تقول الطاسان: «ما بين الموروث والمكتسب، والانتقال الزماني في المكان، تتكون الثقافة، مع الوضع في الاعتبار خصوصية كل مجتمع، تبعاً للعرف السائد فيه، حتى داخل البلد الواحد تختلف ثقافة أهل الشمال عن الجنوب، وثقافة أهل الشرق عن الغرب، فما يراه أهل مكان فعلاً مقبولاً اجتماعياً لديهم، قد يستهجنه أهل مكان مجاور، دون أن يكون لأي إنسان حق انتقاد فعلٍ لم يفهم جذور أهله، كما يذهب علماء الأنثروبولوجيا.
وتتجدد الأفكار، مع تجدد عوامل تنمية الوعي الفكري بالذات، وتجدد نسيج المجتمع فكرياً، تختفي عادات، وتظهر أخرى، ما بين المقبول والمرفوض، تعيش الأجيال رحلتها في بناء حضارة بلدها، وثقافته، وكثير من مظاهر الحياة لم يعد مقبولاً، وفقدت قوتها التأثيرية على الناس، وهكذا صيرورة الحياة على الدوام.
ثقافات الشعوب على الأرض، متباينة، وأغلبها موروث شفاهياً، حتى ضاع المصدر الأصلي لكثير من الثقافات، أو العادات، إضافة إلى أن تقارب الشعوب يُنتج التلاقح الثقافي المكون لسلوكيات البشر.
كانت الثقافات لا مرجع واحد لها، لكن لها مفاهيم قيمية تنبثق عنها، وتكون قيمة في حد ذاتها، مثل الحق والجمال والأخلاق، وما لها من قوة ناعمة مؤثرة على سلوكيات أهل المكان.
من هنا جاءت فكرة «هلاَّ شققت عن قلبه!» مشهد دفعني إلى أن أضع في حقيبتي ورق ملاحظات ملوناً من النوع اللاصق، أدون فيه سؤالاً ناعماً، «هلاَّ»، وأتركه في ثنايا مشاهد واقعية، تواترت على ذاكرتي، كبتلات ورد عطرة أميط بها أذى سلوكيات غير مقبولة، لا نعرف من أين جاءت لتشوه قيماً راقية، تعثرت بهذه المواقف في حياة كثير من الناس حولنا، بعضهم تجرَّع أوجاعها بصمت، وآخرون بصرخة».

التعليقات