يتوجه الناخبون الأتراك للإدلاء بأصواتهم في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة من أجل اختيار رئيس جديد لمدة خمس سنوات. وبعد تباين نتائج تصويت الأقاليم المختلفة في الجولة الأولى وفوز المعارضة بالمدن الرئيسة الكبرى (إسطنبول، أنقرة، ازمير)، لا يزال الشك قائما حول أيا من المرشحين الذي يمتلك القدرة على حسم النتيجة في الساعات الأولى من غلق صناديق الاقتراع يوم الأحد.
لعل من أبرز ملامح الجولة الأولى بعد غلق مراكز الاقتراع وبدأ فرز الأصوات كان خروج النتائج الغير رسمية من وكالات الأنباء التركية ومن الأحزاب بشكل متضارب وبفارق ضخم بين كل مرشح والأخر، فقد احتاجت وكالة الأنباء الرسمية أن تصدر بيانا تدافع فيه عن موقفها وتنفي الاتهامات الموجهة إليها حول أسلوب جمع وعرض بيانات النتائج بينما اختار حزب الشعب الجمهوري أن يجمع أصواته عبر ممثليه الموجودين على رأس كل صندوق وعرضها بين الحين والآخر. لذلك، اضطر الأتراك إلى الانتظار حتى الساعة الثانية صباحاً من اليوم التالي لكي يتأكدوا من عدم حسم الجولة الأولى لأي مرشح.
وعلى مدار الأسبوعيين الماضيين لجأ المرشحان إلى تنظيم حملات سريعة وإجراء لقاءات متعددة وإصدار تصريحات واضحة لمخاطبة وجدان من لم يذهب للإدلاء بصوته في الجولة الأولى وإقناع الناخبين بأن السباق الانتخابي لم ينته لدرئهم عن العزوف عن الجولة الثانية، وقد غلب الخطاب السياسي والقومي على تصريحات المرشحين أكثر من الخطاب الاقتصادي والخطاب الاجتماعي وكان موضوع (اللاجئين السوريين) هو السمة المشتركة في تصريحات الطرفين. فقد أطلق مرشح المعارضة (كمال كيليتشدار اوغلو) تصريحات يؤكد فيها عزمه على اتخاذ إجراءات من شأنها حماية الحدود الوطنية للبلاد بعد ترحيل اللاجئين السوريين إلى الأراضي السورية بينما أشار الرئيس (أردوغان) أن اللاجئين السوريين سيعودون لبلدانهم بعد إعادة انشائها وفق إجراءات وخطوات مُعدة.
يدلل سطوة الخطاب القومي وغلبة النبرة اليمينية على تأثير الجولة الأولى على الجولة الثانية والذي ظهر مبكرا في سعي المرشحين للحصول على أصوات المعارضة القومية والتي انقسمت بين مؤيد للمرشح (أردوغان) ومؤيد للمرشح (كمال كيليتشدار اوغلو)، فقد أعلن المرشح السابق (سنان أوغان) دعمه للرئيس أردوغان في الجولة الثانية ودعا من انتخبه (يقدرون بنسبة 5٪ من اجمالي عدد الأصوات) إلى التصويت لمرشح العدالة والتنمية بينما خرج المعارض القومي الأبرز (اوميت اوزداغ) في مؤتمر صحفي جنبا إلى جنب مع مرشح (حزب الشعب الجمهوري - كمال كيليتشدار اوغلو) ليعلن تأييده لتحالف المعارضة الذي يرغب في ازاحة حزب العدالة والتنمية والرئيس (أردوغان) من على رأس السلطة.
لم تغب أطروحات "محاربة الإرهاب" عن خطابات المرشحين وهي ورقة رابحة لكسب أصوات الكتل اليمينية القومية فقد أكد المرشحان عزمهم على عدم إبطاء عمليات محاربة الإرهاب بدون اية استثناءات، وكانت الدعاية لتلك البرامج قد لاقت رواجا أكثر على وسائل التواصل الاجتماعي وبين مستخدمي الحسابات الإلكترونية من مؤيدي تحالف حزب العدالة والتنمية مع حزب الحركة القومية ومن مؤيدي تحالف المعارضة.
ولا تزال الأسواق الداخلية والخارجية في حالة ترقب لما سيحدث بعد انتهاء الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة، فقد أعلن البنك المركزي التركية في آخر يوم عمل قبل إجراء الانتخابات تثبيت أسعار الفائدة واستمرار العمل وفق استراتيجية (دعم الليرة التركية) لضبط الأسعار ولضمان استقرار الأسواق. وبالرغم من تصريحات البنك المركزي بأن زلزال فبراير 2023 لن يترك آثارا سلبية طويلة المدى على ماليات واقتصاديات تركيا وأن الصدمة تم امتصاصها لكن أسابيع الانتخابات الماضية تسببت في حالة من الترقب والحذر لدى أرباب الأعمال الحرة والتجار، وانعكست أجواء الانتخابات في ذلك من خلال تباين أسعار صرف العملات الأجنبية وعلى معدلات الإقراض لدى البنوك وعلى حركة الأسواق التي لا ترغب في أي معوقات تؤثر على الربعين الثالث والرابع من العام المالي الحالي.
التعليقات