وزارة التعليم السعــودية قـــررت، قبل فترة، تعييـــن منسقين للأمن والسلامة في مدارسها، وهؤلاء مسؤولون عن توعية الطلاب وإدارة المدرسة بالواجبات والأعمال الوقائية في حالات الطوارئ، وتوجد استمارة لتقييم السلامة المدرسية في برنامج (نور) تستخدم لدراسة وضع المدرسة الحالي وتقييم المخاطر..

يوم الأربعاء 24 مايو الجاري تعرض طالب في مدرسة بجازان لمـــاس كهربائي، وكان ذلك خلال وجوده وزملائه في الصالة الرياضيـــة بالمدرســة، والتي كانت مغطاة بالمياه نتيجة أمطار سقطت في اليوم السابق، والأصعب أن أحداً لم يفكر في مساعدته إلا أخاه، الذي أخذه بسيارته إلى المستشفى، ولم تكلف إدارة المدرسة نفسهــــا إلا عناء المشاهدة، ولم تفكر مسبقاً في تعليق الدراسة بسبب الأمطار وأحوالها المتردية، أو تبادر وتتصل بالهلال الأحمر، أو تقدم الإسعافات الأولية لإنعاش الطالب، وهذه وبافتراض حدوثها كان يمكن أن تسهم في خفض احتمالات تدهور حالته، فهو، في الوقت الحالي، موجود في العناية المركزة وقد دخل في غيبوبة وحالته حرجة.

في رأي المختصين، المخاطر الكهربائية تعتبر من أكثر ما يتعرض له الطلاب داخل المدرسة، ما لم يتم تأمين تمديدات الكهرباء بعوازل هندسية، وتحييد خطر الأفياش بغوالق، والتأكد من مطابقتهما للمواصفـــات المعتمدة، والواضح في المدرسة أنها لم تخضع لصيانة منذ مدة، وأنه لا يوجد حرص على تفتيش مرافقها بشكل دوري، وعلى الإبلاغ عن الملاحظات عليها لجهة الاختصاص، ويبدو أن كادرها لا يعلم بوجود تطبيقات ذكية للاستجابة الفورية، من نوع (فزعة) و(أسعفني).

مستوى السلامة في المباني المدرسية لوزارة التعليم متواضع جداً، والسبب تصاميمها العشوائية، وعدم التزامها بالكود السعودي في منشآتها التعليمية، فأبواب فصولها وبواباتها تفتح إلى الداخل لا إلى الخارج، ما يعني أنها معرضة لخطر التكدس والتدافع والاختناق في حالة حدوث حريق، مع ما يترتب على ذلك من وفيات وإصابات، إضافة إلى أن معظم حرائق المدارس سببها الماس الكهربائي، ما يشير إلى غياب الاحتياطات الكهربائية ضد الحريق، كالقاطع الكهربائي الذي يقطع التيار قبل أن يتحول إلى ماس كهربائي ثم إلى حريق، والحرائق تشكل ما نسبته 75 % من إجمالي حوادث المدارس في المملكة، بحسب أرقام وزارة التعليم السعودية، وتأتي بعد ذلك وفيات الطلاب في الحافلات أو الباصات، وبالأخص في الأجواء الحارة، لأن بعضهم قد يكون متعباً وينام، ولعدم اهتمام السائق بتفتيش الحافلة قبل إغلاقها.

حتى السلالم في المدارس لا ينبغي أن تتجاوز 14 درجة، وفي أميركا لا يتم تسليم المبنــى أو تشغيله، إلا بعد الحصول على شهــــادة تشغيل تثبت جاهزيته الفعلية للاستخدام، بينما في المملكة يسلم المبنى بمجرد إصـدار شهادة إتمـــــام بناء، ولا يلتفت إلى كفاءة تشغيــله، أو إلى مستوى تهيئته لاستقبال المستفيدين منه، وحتـــــى مساحات الفصول الدراسيــــــة، ومعها المساحة المناسبة لكل طالب في الفصل لا يؤخذ بها، وتشغل بطالبين لا طالب واحد، وهذا يؤثر على الصحة والسلامة معاً، ويعطل كامل معايير السلامة في حال وجودها.

بخلاف أن المدارس الابتدائية على وجه التحديد، ووفق الكود العالمي، لا ينصح بزيادتها عن دور واحد على اعتبار أن أعمار الطلاب صغيرة في هذه المرحلة الدراسية، واحتمالات تعرضهم لمخاطر غير متوقعة وارد بدرجة كبيرة، ولكن المدارس في المملكة تصل إلى دورين وثلاثة أدوار، ومعها التفكير في استبدال الكهـــــرباء التقليدية بالنظيفة، ومن أمثلتها، طاقة الشمس والرياح وحرارة الأرض وحركة الأمواج، لتوفير استهلاك الكهرباء في المرافق التعليمية، واستبدال الحقيبة والكتب الورقية بالأجهزة اللوحية أو ما يعرف بـ(التابلت) المستخدم في المدارس الأهلية، بجانب اختيار موقع للمدرسة بعيد عن الضوضاء والضجيج، وكذلك أماكن الكوارث ومجاري السيول، ومراعاة قربه من الخدمات العامة كالمستشفيات والشرط والدفاع المدني وغيرها، ولست متأكداً من نظافة دورات المياه وبرادات مياه الشرب في المدارس، علاوة على النظافة الشخصية للطلاب، ولكني أعرف أنها مسؤولة عن الإصابة بفيـــــروسات الزكــــام والجهـاز الهضمي والكبد الوبائي، والبكتيريا الضارة التي قد تؤدي إلى إرباك الجهاز الهضمي والتسمم، وتتحمل حالات غياب عالمي بين أوساط الطلبة والمدرسين تصل في المتوسط إلى 164 مليون يوم في كل عام دراسي.

بالإضافــــة إلى أن وزارة التعليم السعــودية قـــررت، قبل فترة، تعييـــن منسقين للأمن والسلامة في مدارسها، وهؤلاء مسؤولون عن توعية الطلاب وإدارة المدرسة بالواجبات والأعمال الوقائية في حالات الطوارئ، وتوجد استمارة لتقييم السلامة المدرسية في برنامج (نور) تستخدم لدراسة وضع المدرسة الحالي وتقييم المخاطر الموجودة فيهـــا، ولكن يظهر أن الأمرين لم يدخلا في حسابات المدرسة أو حتى الإدارة التعليمية في جازان، وهم يستحقون المحاسبة على هذا الإهمال غير المبرر، والوزارة سبق وأن حددت معدلات رقمية لواقع السلامة المدرسية في مدارس التعليم العام، وقسمتها إلى ثلاث فئات، الفئة الأولى معدلها منخفض وحرج، وتحتاج إلى دعم مكثف، والفئة الثانية معدلها متوسط ولا يلزمها إلا دعــــم محدود، والفئة الثالثة معدلها مرتفع، ولا حاجة إلى التدخل فيها على الإطلاق، وأتصور أن مدرسة جازان تدخل في الفئة الأولى، ما يجعل المسؤولية مشتركة بين الوزارة وإدارتها الإقليمية.