قال الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام -في خطبة الجمعة-: الخوضُ في أحكام الأسرة، وشؤون البيوت، والحديثُ عن العلاقات الزوجية بغير علم يفسد الأسر، ويُشعل الفتن، ويهز للاستقرار، فالزواج علاقة شرعية إنسانية راقية، تحفظ الحقوق، وتنشر السكن، وتجلب السعادة، وتحقق الطمأنينة، ولا بديل لها سوى السقوط في أوحال الشهوات الهابطة، والخروج عن الفطرة المستقيمة، والتمرد على قيم المجتمع الرشيد.
وأضاف: ليعلم الزوجان الكريمان والأسرةُ من بعدهم، والمجتمعُ من وراء ذلك ليعلموا جميعاً أن العلاقة بين الزوجين ليست نفعية، أو علاقةَ معاوضة، أو مقايضة، أو علاقةً تحكمها القوانين الصارمة، والموادُّ الجافة، والأنظمةُ الجامدة، إنها علاقة مودة، وسكنٍ، وعيشٍ كريم، إنها حقوق متداخلة متكاملة، ومسؤولياتٌ مشتركة، إنها العشرة بالمعروف.
وتابع: لا تستثقل التعبير الصادق بالود والمحبة، فإن لذلك في النفس تأثيراً عجيباً، وقبولاً عميقاً، وسحراً حلالاً، والسحر الحلال سحر القلوب بِطِيْب الكلام، وأبلغُ الكلام الوجه الحسن المبتسم، اجعل سلاحك العقل وليس اللسان، واجعل قوتك في الصمت وليس برفع الصوت، ارفع كلماتك، ولا ترفع صوتك، والصوت الهادئ أقوى من الصراخ، والتهذيب يهزم الوقاحة، نعم استعينوا على حل المشكلات بالصمت فالحزم وُلدِ أبكما.
وأوضح أن من حسن العشرة كتمانُ السر، وسترُ العيوب، ونشرُ ما يسر من ثناء، وحسنُ الإصغاء، والدعوةُ بأحب الأسماء، والشكرُ على الإنجاز وحسنِ الصنيع، والسكوتُ عما يسوء، وتركُ المراء، والذَّبُّ في الغَيبهّ، والنصحُ بلطف، وسلولكُ مسلك التعريض ولبس التصريح، والدعاءُ في ظهر الغيب، وإظهارُ الفرح بما يسر، والحزنُ بما يضر، والجامعُ لذلك كلِّه –حفظكم الله- أن يُعامِلَ كلُّ فرد من أفراد الأسرة بما يحب أن يُعاَملَ به. وذكر أن من حسن العشرة الرفق في التعامل، فالرفق ما كان في شيء إلاّ زانه، وما نزع من شيء إلاّ شانه، بالرفق ينزل الله البركة، والسكون، والطمأنينة، كذلك التسامح، وهو أعلى مراتب القوة، والانتقام من أكبر مظاهر الضعف، التسامح ليس ضعفاً، ونقاء القلب ليس عيباً، والتغافل ليس غباءاً، بل ذلك كله تربية، وعقل، وقوة، وهو مع حسن النية عبادة، ودين، أيضاً التواضع، فالمجد في التواضع، وأكثر البقاع ماء ما كان منها أكثرَ انخفاضاً، والتواضع يهزم الغرور، ولا يتواضع إلاّ من كان واثقاً بنفسه، ولا يتكبر إلاّ من كان عالماً بنقصه.
التعليقات