على الرغم من اختلاف البشر، في جيناتهم، وسماتهم الشخصية، وأديانهم، ولغاتهم، إلا أنهم متفقون في السعي، والبحث عن الطمأنينة، والبهجة، والسعادة بجميع أنواعها. ولكن البعض منهم قد يفشل في تحقيق هذه الغاية، لوجود المشاعر السلبية التي حالت بينه وبين الوصول لغايته، وقد يكون ذلك نتيجة لتشوهات معرفية أو ما يسمى بأخطاء التفكير التي يقع فريسة لها العقل البشري، وهي صناعة ذاتية من البشر أنفسهم، وهم وحدهم من يعانون منها عندما تعود آثارها الكارثية عليهم؛ كالاضطرابات النفسية، والإشكالات في الحكم على الأشياء، والحكم على الآخرين، والأفكار الخاطئة تؤدي إلى الابتعاد عن الواقع الموضوعي، أو باتخاذ قرارات خاطئة في الحياة الحاضرة، أو الخطط المستقبلية، والتي يكون ثمنها عمراً من الندم. لنتحدث بإيجاز عن كُلِّ واحد من هذه الأخطاء:

التخصيص واللوم: يتضمن هذا التفكير أخذ كل شيء على محمل شخصي ومسؤولية تامة عن الأحداث السلبية التي لا تقع تحت سيطرته، أو إلقاء اللوم على الذات دون أي سبب منطقي.

الوسم والتسميات الخاطئة: حيث يمنح الشخص نفسه أو الآخرين أحكامًا بناءً على موقف أو تجربة واحدة على سبيل المثال يصنف نفسه على أنه فاشل لمجرد إخفاقه في مهارة أو مشروع ما.

استبعاد الإيجابية: إذا تم تحقيق الكثير من الأشياء الجيدة وشيء واحد سيئ فقط يتم التفكير في السيئ والقضاء على شعور الرضا عن الأشياء الجيدة.

قراءة الأفكار: حيث يفترض الشخص أنه يعرف ما يفكر به الآخرون أو كيف سيتصرفون في موقف معين فرضاً، ويعمل على خلق تخمينات حول أفكارهم وتصرفاتهم.

القفز إلى النتائج: غالبًا ما يقوم الشخص الذي "يقفز إلى الاستنتاجات" بتنبؤ سلبي عن أي حدث بأن النتائج ستكون سلبية على الرغم من عدم وجود دليل أو المبالغة في العواقب عندما تسوء الظروف وتخيل نتيجة كارثية.

التفكير باستعمال العاطفة: كل شيء يشعر فيه صاحب هذا التفكير يعتقد أنه حقيقة بناء على افتراضات غير صحيحة مبنية على المشاعر فقط.

كل شيء أو لا شيء: أي إما أبيض أو أسود وهذا تفكير متطرف كل شيء يُنظر إليه على أنه جيد أو سيئ بشكل مطلق مع استبعاد الحلول الوسط.

التكبير والتصغير: من يعاني من هذا التفكير يضخم صفاته السلبية مع تقليل صفاته الإيجابية إلى أدنى حد أو تضخيم وتكبير أخطائه واخفاقاته وتقليل من أهمية إنجازاته.

وأخيراً وليس آخراً يجب علينا معرفة أنه ليس من الصعب تحديد أخطاء التفكير التي تساهم في المشاعر المزعجة وغير السارة وسلبية الحياة سواء ما يتعلق بالتخصيص واللوم أو الوسم والتسميات الخاطئة أو استبعاد الإيجابي أو قراءة الأفكار أو القفز إلى النتائج أو التفكير العاطفي أو التكبير والتصغير، وغالباً ما تؤثر أخطاء التفكير على الكثير من مجالات الحياة الصحية والعملية والعلاقات الاجتماعية، لذا أرى أنه من الرائع التفكير في التفكير لإدراك الأفكار الخاطئة وغير المفيدة وتعديلها واستبدالها بأفكار أكثر واقعية وذات فائدة.