وأخيرًا أصبح الحلم حقيقة مع انطلاق رائدي الفضاء السعوديين علي القرني وريّانة البرناوي إلى الفضاء اللانهائي، ليلتحما بمحطة الفضاء الدولية. لقد حبسنا أنفاسنا قبل انطلاق الرحلة على مركبة «دراجون 2» من مركز كينيدي في ولاية فلوريدا الأميركية. لكن هذا الترقب امتزج بمشاعر الفخر والاعتزاز والانتماء لهذا الوطن المعطاء وقيادته الملهمة، 15 ساعة ستبحر المركبة قبل الالتحام بالمحطة الدولية وثمانية أيام قبل العودة السالمة إلى أرض الوطن بعد إجراء 14 تجربة بحثية علمية لتحسين جودة حياة الإنسان على الأرض.
هذه الرحلة هي أحد إنجازات الهيئة السعودية للفضاء منذ صدور الأمر الملكي بتأسيسها في عام 2018، وهي حدث تاريخي يدشن عصر الفضاء العربي بريادة سعودية، وهي تبيّن للعالم بأننا لسنا مجرد دولة منتجة للنفط وإنما نحن أيضًا دولة منتجة للإنسان وبناء رأس المال البشري السعودي وتفجير أفضل الطاقات لديه، وبأننا نستثمر قدراتنا للحفاظ على توازن الحياة على الأرض التي تتسابق الدول الكبرى على تدميرها.
وتأتي هذه الرحلة ضمن روح رؤية المملكة 2030 التي أصبحنا نرى إنجازاتها في مختلف المجالات، ما أعاد للمملكة دورها القيادي كقوة مؤثرة في القرار العالمي، وهو الدور الذي طالما سعى كثيرون لمصادرته والالتفاف عليه لكنها اصطدمت بقيادة عنيدة متمسكة بهويتها وقرارها المستقل.
وهذه الرؤية تجسيد عملي للمسار الوطني الذي اختطه سمو ولي العهد محمد بن سلمان ورؤيته الاستراتيجية لتحفيز كل شرائح المجتمع للمشاركة في عملية البناء لكونهم أصحاب مصلحة، فهذه الرؤية كسرت كثيرًا من الاعتبارات والتقاليد العتيقة وقوى الشد العكسي التي تقاوم التغيير استجابة لروح العصر الحديث سريع التحول.
وبشهادة كل المنصفين والمدافعين عن الحقيقة في العالم، فقد استطاع سموه تحطيم الصورة النمطية عن العرب والمسلمين وكسر قيود الجندرية، وأعاد للمرأة حقوقها الأساسية التي تكفلتها عقيدتنا السمحاء التي حاول المجتمع الذكوري مصادرتها، والتي اتخذها المنافقون من المدافعين عن الحريات في الدول الغربية ذريعة للهجوم على المملكة بمناسبة وبدون مناسبة. ولأن سموه يعرف أن المملكة غنية بالشباب الطموح من الجنسين، قال لهم إن الميدان مفتوح للجميع، وإن الطموح سقفه السماء، فتفتحت المملكة وروداً ونساء ملهمات ومبدعات ومخترعات وباحثات.
ريّانة ستكون أول امرأة عربية مسلمة تستكشف الفضاء بحجابها في رسالة لنساء العالم عن صورة المرأة السعودية في العهد الجديد.
التعليقات