عاد السفر الجوي العالمي الذي يقاس بالرحلات الجوية إلى مستويات ما قبل الوباء لأول مرة في مايو، وفقا لبيانات الصناعة، ولكن لا يزال من المتوقع أن يظل الطلب على وقود الطائرات أقل من مستويات عام 2019 لسنوات قادمة لقلة مكاسب الكفاءة والانتعاش البطيء في السفر لمسافات طويلة، لكن لا يزال وقود الطائرات يلهب الطلب على النفط لمتوسط 7 ملايين برميل يومياً في 2023، وفقاً لمزود بيانات الطيران العالمي رداربوكس.
وبقيادة طفرة في التنقل الصيني مع إعادة فتح البلاد لاقتصادها، بلغ متوسط عدد الرحلات الجوية التجارية العالمية في اليوم 105682 رحلة في الأسبوعين الأولين من شهر مايو، بما يتماشى مع الشهر نفسه في عام 2019 لأول مرة منذ الوباء و20٪ فوق هذا الوقت من العام الماضي، وفقًا لمزود بيانات الطيران رداربوكس.
ومن المتوقع أن يكون وقود الطائرات المحرك الرئيس لنمو الطلب العالمي على النفط في عام 2023 للعام الثاني على التوالي، حيث تلحق آسيا الآن بالركب بعد تخلفها عن بقية العالم في عام 2022. لكن انتعاش السفر الجوي العالمي - المحرك الرئيس لنمو الطلب على النفط هذا العام - لا يعني أن الطلب على الطائرات سوف يستمر لبعض الوقت، وفقًا لمراقبي السوق.
وأصبحت الرحلات الجوية الآن في المتوسط أقصر قليلاً، حيث تعد مسارات المسافات الطويلة من بين أبطأ التعافي وغالبًا ما يتم نقلها بواسطة طائرات أصغر. في الواقع، عند قياسها بمقاعد شركات الطيران المجدولة، تشير البيانات إلى وتيرة التعافي ذات السرعتين بين الأسواق المحلية والدولية.
وكان إجمالي سعة مقاعد شركات الطيران التجارية العالمية في الأسبوع المنتهي في 15 مايو لا يزال أقل بنسبة 3.1٪ عما كان عليه في نفس الأسبوع من عام 2019، و18٪ أعلى مما كان عليه هذا الوقت من العام الماضي، وفقًا لمزود بيانات الطيران او ايه جي. وتُظهر البيانات أن سعة المقاعد الدولية الآن أقل بنسبة 10.3٪ عما كانت عليه في نفس الأسبوع من عام 2019، في حين أن السعة المحلية المجدولة أعلى بنسبة 2٪.
وفي الصين، كانت الطرق الدولية أبطأ بكثير في اكتساب الأرض واستقرت عند 69٪ فقط من مستويات 2019 في أبريل، وفقًا لبيانات رادار بوكس. كما أصبحت الطائرة المتوسطة أكثر كفاءة في استهلاك الوقود مع دخول طائرات جديدة إلى الأسطول العالمي على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وتم أيضًا إيقاف المزيد من الطائرات القديمة أثناء الوباء لإفساح المجال لطائرات جديدة، مما ساعد أيضًا على تحسين متوسط كفاءة وقود الأسطول. ونظرًا لأن الطائرات الأحدث والأكثر كفاءة في استهلاك الوقود تحل محل الطائرات القديمة، فإن التحسينات العادية في كفاءة الأسطول العالمي تقدر بنحو 2٪ سنويًا، وفقًا لاتحاد النقل الجوي الدولي.
ونتيجة لذلك، يتوقع المحللون في ستاندرد آند بورز جلوبال أن يرتفع الطلب العالمي على وقود الطائرات إلى متوسط 6.95 ملايين برميل في اليوم في عام 2023، بزيادة 840 ألف برميل في اليوم على أساس سنوي ولكن لا يزال أقل بنسبة 13٪ من مستويات عام 2019 البالغة 8 ملايين برميل يومياً. ومن المتوقع أن يتعافى الطلب العالمي على وقود الطائرات تمامًا إلى متوسط مستويات عام 2019 البالغ حوالي 8 ملايين برميل في اليوم في عام 2027.
في حين أن استمرار تعافي الطيران من الوباء لا يزال يمثل موضوعًا أساسيًا لتوقعات الطلب على الطائرات، ولا يزال هناك ضعف أساسي أمام الركود الاقتصادي العالمي. وقال آلان ستروث، مدير الاقتصاد الكلي والطلب على النفط في اس آند بي قلوبال: "لا يزال هناك مستودع كبير للطلب المكبوت على السفر، على الصعيدين المحلي والدولي". "فيما تنطلق أسعار الطائرات الآن بشكل عام، وهو أمر إيجابي للمسافرين بغرض الترفيه من حيث التكلفة. ومع ذلك، إذا عادت أسعار الوقود للارتفاع أو ضعف الدخل التقديري والعمالة بشكل كبير، فإن عوامل الحمولة المنخفضة قد تتطلب جداول زمنية مخفضة واستهلاك أقل للوقود بطبيعتها".
من حيث الأسعار، كانت تجزئة وقود الطائرات من بين الأسوأ أداءً خلال شهر أبريل، حيث انخفضت بمقدار 17 دولارًا للبرميل شهريًا على ساحل الخليج الأمريكي وما بين 6 إلى 10 دولارات أمريكية للبرميل في أوروبا وسنغافورة. ويمثل الانخفاض تطبيعًا حادًا من المستويات الاستثنائية التي شوهدت في بداية العام، بعد الاضطرابات المرتبطة بالطقس في إمدادات المنتجات الأمريكية.
كما ارتفعت مخزونات وقود الطائرات الأمريكية خلال شهري مارس وأبريل، وبعد أن كانت في ثاني أدنى مستوياتها في أربع سنوات في أوائل مارس، أصبحت الأسهم الآن قريبة من متوسط الخمس سنوات على أساس معدل موسمي، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وفيما تراجعت مخزونات نواتج التقطير، ارتفع الطلب على وقود الطائرات في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى له منذ ديسمبر 2019. وقال محللو مجموعة إيه إن زد المصرفية المحدودة، إنه لا تزال الخلفية الاقتصادية غير المؤكدة تلقي بظلالها على آفاق المستقبل.
وقالوا: "بينما تراجع التضخم في الولايات المتحدة أكثر من المتوقع في أبريل، هناك مخاوف من أن تأثير الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة يظهر الآن فقط في الاقتصاد الأمريكي"، مضيفين أن المعنويات الهبوطية لا تزال تتغلغل في أسواق السلع وسط الافتقار إلى إشارات على وجود طلب أقوى.
ودفعت تلك التطورات موردو وقود الطائرات في الشرق الأوسط للعمل على تعزيز الصادرات إلى أوروبا للاستفادة من الطلب المتزايد على السفر الجوي. وقال تاجر في شركة تكرير شرق أوسطية "لا أعتقد أن العقوبات الروسية تؤثر على تدفقات الطائرات على الإطلاق".
وتراوحت واردات وقود الطائرات في شمال غرب أوروبا بين 200,000 و300,000 برميل في اليوم في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2023، مع ما يقرب من نصف التدفقات الواردة من الشرق الأوسط. وكانت السعودية من أكبر المصدرين، بينما جاء النصف الآخر من التدفقات من آسيا.
وقال التجار إن متطلبات وقود الطائرات من الغرب من المرجح أن تزداد قوة، مدفوعة بمزيج من العطلات الدولية والإقليمية. وقال متعاملون إن انتعاش الطلب على وقود الطائرات في أوروبا، مدفوعًا بأنماط السفر الموسمية، وانخفاض المخزونات، ونقص الإمدادات المحلية، أدى إلى جذب ثابت لشحنات الشرق الأوسط.
وأظهرت قاعدة بيانات الرحلات والإحصاءات أن سعة المقاعد الأسبوعية لشركات الطيران في أوروبا الغربية زادت 0.9٪ على مدار الأسبوع لتصل إلى 21.14 مليون مقعدًا للأسبوع الذي يبدأ في 15 مايو، وهو ما يمثل حوالي 86.9٪ من السعة السابقة للوباء في 13 مايو 2019.
ويتوقع معظم التجار أن التدفقات التجارية بين الشرق الأوسط وأوروبا لن تتأثر في الغالب برغم الحظر الأوروبي على النفط الروسي، بسبب انخفاض اعتماد أوروبا على صادرات وقود الطائرات الروسية.
وقدرت جلوبال بلاتس واردات أوروبا من وقود الطائرات من روسيا بنحو 10,000 برميل في اليوم خلال الفترة من يناير إلى أبريل. حتى إذا تمت الموافقة على حظر أوروبا على وقود الطائرات الروسية، فقد لا يؤدي ذلك إلى سحب كبير للبراميل من الشرق الأوسط. ومن المتوقع تدشين مصاف إقليمية ضخمة في المنطقة في النصف الثان من 2023، ويتوقع أن تضيف كميات جيدة من وقود الطائرات إلى السوق، مما يقلل من احتمالية حدوث تأثير كبير على العرض.
في وقت، قد يكون الارتفاع في الطلب على وقود النقل مفيدًا لمصافي النفط الآسيوية، حيث يحتفظ المعالج الصيني بالمزيد من الإمدادات في الداخل في أبريل ومايو بدلاً من التصدير، مما قد يخفف الضغط الهبوطي على هوامش أرباح المصافي في آسيا التي انخفضت بأكثر من النصف هذا العام.
التعليقات