خرجت قمة جدة عن الإطار التقليدي للقمم العربية الواحدة والثلاثين الماضية، القمة 32 هي قمة الإنسان العربي، هي قمة المبادرات الإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة، اعتدنا كشعوب عربية أن تكون مُخرجات أي قمة في نهايتها تركز على لغة "الشجب" الإعلامية، ولكن ومع القمة التي أعتقد أنها أهم قمة حظيت بتغطية إعلامية دولية وجدنا أن القمة كانت فيها رسائل مباشرة وغير مباشرة وباللغة الإعلامية.

في كلمة سمو ولي العهد -حفظه الله- ركز على الكنز الذي يملكه الوطن العربي، المقومات الحضارية والثقافية والموارد البشرية والطبيعية، ربط هذه المقومات هو الأساس الحقيقي لأي تنمية بشرية تنظر للمستقبل، الاعتزاز بالمكنون الثقافي للإنسان العربي هو قيمة وإضافة نمتلكها ولم نستفد منها، ووصلنا لمرحلة أحيانا لفقدنا الثقة بثقافتنا وحضارتنا العربية، لانشغالنا بالأمور السياسية وعدم الاهتمام بالنواحي الإنسانية التي تعتبر أهم ركيزة لبناء أي حضارة.

التغطية الإعلامية كانت رائعة، مشاركة الدول العربية رغم أزماتها للأزمات الدولية من حولنا، مصدر قوة، فالوهج الإعلامي الكبير عالميا لحضور الرئيس الأوكراني لمدينة جدة ومشاركته بالقمة، فاق التغطية الإعلامية وبدون مبالغة لمشاركته مجموعة السبع في هيروشيما اليابانية بعد مشاركته بالقمة العربية، وهذه حقيقة، فكانت مشاركة الرئيس زيلينسكي تأكيد لقوة وتأثير الدول العربية عالميا، وهي مثال لجداول أعمال عشناها في جدة وصداها الإعلامي سيكون حاضرا على الخارطة الإعلامية الدولية، ولا أدل على ذلك الحضور الإعلامي الدولي الذي احتضنته وزارة الإعلام وسهلت وبشفافية هذه التغطيات، فكانت رسالة سعودية للعالم بوجه جديد وعملي بكل ما تعنيه الكلمة.

لم تكن مبادرة اللغة العربية من الناحية الثقافية حاضره لوحدها، إلى جانب الملفات السياسية المهمة، كان أساس التنمية والمساعد لها الأمن الغذائي والمائي حاضرا وبقوة وبصورة عملية بعد أن استعرض سمو وزير الخارجية البيان الخاص بالقمة، وهنا وهو يتحدث عن الأمن المائي ومواجهة شح المياه عربيا وتطرقه لتجربة المملكة الكبيرة والعالمية في تحقيق هذا الأمن ولله الحمد، توارد أمامي برنامج "سين" الذي عرض خلال شهر رمضان المبارك الماضي لأحمد الشقيري، عندما تناول هذا الملف والانهار التي تجري بالسعودية البلد الصحراوي والتجربة الفريدة والمتميزة للمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة في الابتكار والتقنيات التي جعلت من مبادرات القمة الدعوة للاستفادة من التجربة السعودية إلى جانب التجارب العربية، فما شاهدته بالبرنامج بالفعل يدعو للفخر وبالوقت نفسه نثمن كيف وبفخر كانت مبادرة الأمن المائي والإنسان بحضارته من أولويات القمة العربية، فكانت قريبة من الإنسان العربي وعايشت واقعه، لدينا تجارب عظيمة ولكن بالفعل نحتاج لإعلام محترف ينقل لنا الصورة بوضوح، لنعيد وبأعجوبة عظمة الأنهار بالسعودية التي ابتكرها الإنسان رغم البيئة الجافة والصحراوية لبلادنا.