قلت في مقال سابق نشر في هذه الجريدة الغراء يوم الأربعاء 3 مايو 2023م بعنوان (لتسهم المستشفيات الخاصة في علاج الإدمان طوعا أو كرها)، وكان المقترح واضحا يؤكد على أن المستشفيات الخاصة يجب أن تسهم (مجانا) ودون مقابل في علاج الإدمان، ومساعدة من تورطوا في السقوط في وحل استعمال المخدرات على الخروج منه بطريقة علاجية معروفة عالميا، تهون عليهم أعراض الانسحاب وتكفيهم شر العودة لذلك المستنقع، ومشاركة المستشفيات الخاصة في هذه الحرب على المخدرات واجب وطني لا منة فيه، وهو رد دين للوطن على ما قدم لهذا النوع من الاستثمار على مدى عقود طويلة بل قرابة قرن من الزمان، وإضافة إلى أنه واجب وطني ورد دين للوطن فإنه أيضا تعويض للوطن عن ممارسات من هذا القطاع الصحي صبر عليها الوطن كثيرا، وسوف آتي على ذكرها لاحقا في هذا المقال.

وبالرغم من وضوح المقترح وأن الإسهام والمشاركة يجب أن تكون مجانية، إلا أن بعض الأقلام والتغريدات حاولت الالتفاف على موضوع المجانية والتحدث عن دعم المستشفيات الخاصة لفتح مراكز علاج الإدمان بمقابل مادي!! أي يريدون الدعم المعتاد من الدولة لفتح مراكز استثمار يتاجرون من خلالها في أمر علاج الإدمان، وهذا وربي ضرب من الاستغفال والاستغلال الذي تعودوا عليه ويمارسونه دون خجل لا من الوطن ولا من المواطن ولا من أنفسهم.

لقد مارست المستشفيات الأهلية صورا من استغلال صبر هذا الوطن ورحابة صدره، ومن أمثلة تلك الممارسات على سبيل المثال لا الحصر تشغيل الأطباء الحكوميين في مستشفياتهم الأهلية والخاصة أثناء الدوام الحكومي في مخالفة واضحة للأنظمة والتعليمات المتلاحقة لوقف تلك الممارسات، حتى أصدر مجلس الوزراء ضوابط ومراقبة إلكترونية صارمة تحكم عمل الطبيب الحكومي في المستشفى الخاص خارج وقت الدوام وبموافقة جهته وبعد قيامه بكامل نصاب مهامه في المستشفى الحكومي على أكمل وجه وعبر منصة الكترونية محكمة، وكم أتمنى أن تتحرك وزارة الصحة وتشعر وسائل الإعلام بما تم في هذا الخصوص خاصة وأن مهلة التنفيذ قد مر عليها عدة أشهر.

أما الصورة الأخرى من صور ممارسات المستشفيات الأهلية والخاصة المخجلة فتتجسد فيما حدث أثناء أزمة (كورونا) من اختراع تطبيقات تستغل الحاجة للمعلومة حول المرض والأعراض وطرق الوقاية وهي التطبيقات التي استغلت فيها حاجة المريض بجشع مشترك بين بعض المستشفيات وبعض الأطباء، في حين يفترض أن تكون مجانية، هذا إضافة إلى التفنن في استغلال الحاجة لفحص كورونا بوضع أسعار عالية وفئات فحص (مستعجل وعادي وسفري) وكأنك تتعامل مع مغسلة ثياب.

إن ما قلته في المقال السابق، وأؤكد عليه الآن واضح وهو فرض مشاركة المستشفيات الأهلية والخاصة في الحرب على المخدرات (مجانا) طوعا أو كرها، وهذا لا أسميه ضريبة طبيعة استثمار بل هو تعويض للوطن وتسديد ديون سابقة ولاحقة، بل هو عمل مردوده على الجميع؛ فشفاء المدمنين وخلو الوطن من المخدرات يستفيد منه كل مواطن ومقيم سواء كان مستثمرا أو مستهلكا في شكل أمن دائم بحول الله وفضله.