العالم يتغير علمياً وسياسياً واجتماعياً، عالم جديد يحقق إنجازات علمية وتقدماً تقنياً هائلاً شاملاً، وحياة اجتماعية مختلفة، وتقدماً طبياً يلاحق الأمراض المعروفة والمتطفلة الداخلة من أبواب لا يزال البحث جارٍ عن مفاتيحها.

في السياسة، يمر العالم بمرحلة تغيير في العلاقات الدولية وإن شئت أكثر دقة في التحالفات، معلومات مخفية تظهر للعلن، وأخبار علنية مفاجئة غير معهودة آخرها تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون بعد زيارته للصين حين دعا الاتحاد الأوربي ألا يكون تابعاً لأميركاً أو الصين في قضية تايوان. هذا تصريح من حليف قديم، وهو مؤشر حسب رأي الرئيس السابق ترمب بأن أميركا تفقد زعامة العالم. ترمب انتقد ماكرون واتهمه بالانحياز لرغبات الصين، أما رد ماكرون على ترمب فهو يطرح سؤالاً للنقاش عن مفهوم التحالف حين يقول: إن التحالف مع أميركا لا يعني أن تكون تابعاً لها، ولا يعني أنه لم يعد من حقك أن يكون لك تفكيرك الخاص.

هنا نتوقف أمام عبارة (التفكير الخاص)، والفرق بين التحالف والتبعية، التحالف بين الدول لا يلغي مبادئها ولا يسلب حقها في التفكير المستقل الخاص بها نحو القضايا المختلفة، فرنسا تاريخياً كمثال ذات نزعة استقلالية ثقافية وسياسية عن أميركا ويمكن وصفها بأنها حليف مزعج منذ أيام الرئيس ديغول، هذا التفكير الخاص الذي أشار إليه رئيس فرنسا ليس جديداً، ولكن لماذا أثير الآن بشكل واضح وقوي؟ إنها العلاقات الدولية المعقدة التي تتداخل فيها المصالح والسيادة ومنها التفكير الخاص أو المستقل، هل تكتسب التحالفات قوتها باحترام الاستقلالية والسيادة؟ هل الأزمات والحروب اختبار للتحالفات الدولية؟ وكيف تتخذ القرارات، ويتحقق التوازن بين مصالح الدول المتحالفة؟

هل التفكير الخاص أو المستقل يتحقق في المجالات العلمية ولا يتحقق في المجالات السياسية؟

تنشأ التحالفات الدولية في مجالات مختلفة منها المجال الإنساني والعلمي والسياسي، ومن أسباب نشأتها أسباب تتعلق بالأمن ومحاربة الإرهاب ونشر السلام والتعاون لمكافحة الأمراض والفقر، ونشر التعليم إلى جانب التعاون العسكري في حالة الحروب. نجاح التحالفات يعتمد على عوامل كثيرة من أهمها الشفافية بين الأعضاء، والمصداقية في الالتزام بأهداف التحالف، وعدم احتكار المعلومات أو إملاء القرارات بما في ذلك التحالف العلمي ضد الأمراض.

كانت أزمة كورونا فرصة لتحالف عالمي علمي إنساني، فهل نجح هذا التحالف؟ هذا موضوع يستحق دراسة بحثية تتصدى لها جهة علمية ذات تفكير مستقل، أليس كذلك؟!