المال مصدره الاقتصاد القوي المستدام، والذي يركز على الميزة النسبية لكل دولة، والمملكة حباها الله ميزات نسبية كثيرة وبعضها ميزات مطلقة، كوجود مكة المكرمة والمدينة المنورة، فخدمة زوارهما شرف للمملكة وقادتها وشعبها، وتقرب إلى الله عز وجل..

في بلدتي الصغيرة، في ذلك الوقت، كان الأقوياء وذوو الحظوة هم من يملكون المال، كانوا يمتهنون التجارة، ويقرضون الفلاحين بنسبة أرباح عالية، وفي النهاية يشاركونهم محصولهم بنسبة كبيرة قد لا تبقي للفلاح ما يطعم به أسرته، يأتي بعدهم في الحصول على المال أصحاب المهن الحرّة كالنجارة والحدادة والجزارة، أما أفقر الناس فهم الكسالى الذين يعيشون على ما يحصلون عليه من غيرهم، ويشاركهم في الحاجة إلى المال الفلاحون الذين يكدون ليل نهار من أجل البقاء، ويعيشون على ما تجود به الأرض ومواسم المطر. وهذه المعادلة تنطبق على الأفراد والدول في كل زمان ومكان، من يمتلك المال يمتلك القوة والحظوة، والدول المؤثرة على مستوى العالم هي التي تملك اقتصاداً قوياً له صفة الاستدامة وأساسه نتاج عقول وسواعد أبنائها.

وقد سيطر الغرب، وخاصة أميركا بعد الحرب العالمية الثانية على تجارة العالم بما لديها من صناعات ومنتجات، وقدرة على الوصول إلى مختلف مناطق العالم، ولذا كانت أميركا مقراً لمعظم المنظمات الدولية الفاعلة كالأمم المتحدة والبنك الدولي وغيرهما كثير.

المال نعمة من نعم الله على عباده، تستحق منا الشكر والرعاية، وهو إحدى الضرورات الخمس الكبرى التي عليها مدار الشريعة، وهو الأداة التي تستطيع بها الدولة أن تحفظ الأمن وتمتلك مصادر القوة العسكرية والسياسية والقوة الناعمة، وتدفع المرتبات وتكافح الفقر، وهذا يحتم أن نعمل جميعاً على تنميته وحفظه وحسن استثماره، ومن ذلك ما يأتي:

أولاً، الادخار والاستثمار من أهم ما يجب أن يقوم به الأفراد والحكومات، ويعتبر الشعب الياباني نموذجاً ناجحاً على مستوى العالم في الادخار والاستثمار وتوفير السيولة التي تتطلبها التنمية. أما المجتمعات التي توفر لديها المال دون جهد بدني وفكري فتميل إلى التبذير والإسراف في الاستهلاك، والسعي خلف المظاهر الزائفة، مما يسبب أضراراً مادية وصحية على مستوى الفرد والدولة. الادخار والاستثمار ثقافة يجب أن يتعلمها الطفل منذ الصغر، ومن ذلك منحه المال مقابل ما يبذل من جهد، وتوجيهه للاستثمار مبكراً ولو بالقليل مما يوفره في سوق الأسهم أو غيره من قنوات الاستثمار، وتشجيع الطلبة على العمل الجزئي أثناء الدراسة لتقدير قيمة المال واحترام الوقت وكسب الخبرة، ومن وسائل الادخار توعيته مبكراً عن أضرار العادات التي تستنزف المال والصحة.

ثانياً، من أجل عالم أفضل له صفة الاستدامة، تتجه الدول المتقدمة لتوظيف المال في المشروعات التي لها صفة الاستدامة كالطاقة المتجددة والمحافظة على البيئة، وأن تبني اقتصادها على هذا الأساس، ومنها الحفاظ على الهواء النقي والماء والغذاء الخالي من المواد الكيميائية المضرة، فما ينفق من أموال على معالجة أضرار التلوث يفوق كثيراً كل ما يصرف من أجل مكافحته.

ثالثاً، المال مصدره الاقتصاد القوي المستدام، والذي يركز على الميزة النسبية لكل دولة، والمملكة حباها الله ميزات نسبية كثيرة وبعضها ميزات مطلقة، كوجود مكة المكرمة والمدينة المنورة، فخدمة زوارهما شرف للمملكة وقادتها وشعبها، وتقرب إلى الله عز وجل. كما أنهما بوابة للسياحة الداخلية لمختلف مناطق المملكة، خصوصاً بين شهري رمضان وذي الحجة. كما تتمتع المملكة بميزات نسبية كالطاقة الأحفورية، وهو ما جعل المملكة رائدة في البحث عن حلول لإدارة الانبعاثات الكربونية وإعادة استخدامها بدل أن تسهم في ارتفاع درجة الحرارة، كما ركزت على الطاقة المتجددة. أما الميزة النسبية الأخرى فهي الموقع المتميز للمملكة بين مختلف القارات، أما أهم الميزات النسبية التي تتمتع بها المملكة اليوم فهي القيادة المخلصة والطموحة، فالقيادة هي المحرك لكل نشاط وتغيير.

رابعاً، التركيز على الاستثمار في العنصر البشري وخاصة التعليم والتدريب الجيد للجميع، ومكافحة الفقر، وزيادة أعداد الطبقة المتوسطة، وتعد السياحة الداخلية من أهم عناصر توفير المال وقوة الاقتصاد.

المملكة اليوم تصنف من ضمن الدول القوية اقتصادياً، وتتقدم في التصنيف كل عام بفضل وفرة المال وحسن استثماره في الداخل والخارج.