إذا ما نظرنا لمنصة المساعدات السعودية لليمن فسوف نجد أن قيمة المساعدات خلال العقود الماضية تتعدى عشرين ملياراً، وإذا ما نظرنا لقيمة المساعدات الدولية لليمن سنجد أن السعودية تشكل أولها وأكبرها دعماً ومساندة..
إنه حين يتحدث المتحدثون وينطق الناطقون ويقيم المقيمون ويتناول المتناولون علاقة اليمن بالمملكة العربية السعودية لا يدركون مهما تناطحت الوجدانات أو بلغت المصداقيات علاقة هذين البلدين، ليس منذ تكوينهما على الخارطة السياسية مرة فحسب، وإنما منذ تكون الجزيرة العربية ذاتها بوهادها ووديانها وبالبشرية التي درجت عليها.
ولأن الدولة السعودية تعي ذلك تماماً، فقد دأبت على الدعم الدائم لشقيقها اليمن على جميع المستويات سواء كانت اقتصادية أو تعليمية وأيضاً سياسية، ليس لكونه بعداً قومياً ووطنياً للدولة السعودية، بل لأن اليمن في تكوينه الجيني والقبائلي والثقافي أيضاً مرتبط بالسعودية والجزيرة العربية في عمقها الحضاري والإنساني. هذا الدعم وهذا التصعيد والمساندة كان قائماً بالفعل قبل تلك الهزات المقيتة التي اعترت وطننا العربي، ولكنها كانت لزاماً وتأكيداً بعدما حدث لليمن ما حدث من حروب وانقسامات وهزات لم تعد بخافية على أحد، فكانت الدولة السعودية دعامة استقرار وعضد وساعد له، وهذا دأب المملكة للبلاد المترامية الأطراف، فكيف بدولة كاليمن التي تحمل لها أواصر ووشائج ودم وعرف وبعداً قومياً وطنياً، وقل ما تشاء.
ولهذا وذاك كان اليمن على رأس الدول المستفيدة من المساعدات والدعم سواء كان تنموياً أو سياسياً، ففي العرف القبلي والذي لا يزال على رأس قائمة الفعل في الجزيرة العربية والذي نعمل به هو حق الاستجارة والذود بكل الأدوات الممكنة للجار أو المستجير، فإذا ما نظرنا لمنصة المساعدات السعودية لليمن فسوف نجد أن قيمة المساعدات خلال العقود الماضية تتعدى عشرين ملياراً، وإذا ما نظرنا لقيمة المساعدات الدولية لليمن سنجد أن السعودية تشكل أولها وأكبرها دعماً ومساندة كما أشار التقرير الأممي في تقييمه وتفحيصه وتمحيصه ورصده للمساعدات والدعم الدولي لليمن، فقال: "إن المملكة في طليعة الدول المانحة لليمن بنسبة نحو 30 % بوصفها أكبر المانحين. حتى أثناء جائحة كورونا وكل دولة توصد أبوابها كانت السعودية تدفع بما يفوق 430 مليون دولار أميركي؛ لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية التي أعلنتها الأمم المتحدة لدعم اليمن لعام 2021م".
ووفقاً لإحصائيات مركز الملك سلمان نجد أن "اليمن على رأس الدول المستفيدة من المنح والمشروعات السعودية، وذلك بعدد 949 مشروعًا في نحو 33 قطاعًا، منها: الأمن الغذائي والزراعي، والإيواء والمواد غير الغذائية، والصحة، والتعليم، والمساعدات الإغاثية الطارئة.. وغيرها من القطاعات التنموية والحيوية. فيما يبلغ عدد المشروعات التي نفذها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في اليمن 780 مشروعًا، بتكلفة إجمالية بلغت أكثر من 4 مليارات دولار.
وتتنوع تلك المشروعات، وتتوزع على عدد من القطاعات، منها 130 مشروعًا في الأمن الغذائي بقيمة 1.4 مليار دولار تقريبًا، و385 مشروعًا في مجال الصحة، بنحو 850 مليون دولار، إضافة إلى 30 مشروعًا في دعم وتنسيق العمليات الإنسانية، بقيمة 686 مليون دولار تقريبًا".
وإخواننا اليمنيين يعيشون بيننا كالسعوديين منذ طفولتنا، بلا تأشيرات ولا أوراق، بل نعيش بالحب والأخوة التي لا تعرف حدود الدول، ومع نشوب الحرب أهلية في الدولة اليمنية توافد إلى المملكة المئات ثم الملايين هرباً من الحرب وطلباً للرزق ولقمة العيش والمكان الآمن، كانت المملكة ملاذهم وحاضنتهم، حتى وصل عدد المقيمين في المملكة إلى ما يربو على ثلاثة ملايين نسمة هرباً وخوفاً وطمعاً في الأمن والأمان والعيش بسلام.
لم تكن المملكة العربية السعودية تفعل ذلك للمزايدة على دولة أو سياسة أو حتى مواكبة حقوق الإنسان وإعانات دعائية واستعراض كرم وكرام؛ لا لم يكن ذلك، ولن يكون، لأننا نشأنا على أصالة العروبة، فالعربي لأخيه إذا ما دالت عليه دائلة، ولأنها تعلم أن اليمن قطعة من اللحمة العربية بكل مكوناتها، ولأنها في آخر المطاف تتبع مقولة "لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"، فما خفي كان أعظم!.
التعليقات