إن من أعظم ما يرفّه به المسلم حياته ويزين بها أفعاله وأقواله وسريرته القرآن العظيم، وخاصة في هذا الشهر المبارك، فقد سمعنا من خلال المتسابقين ما أطرب وشنف أسماعنا من حسن التلاوة، وجمال الصوت، وإتقان المقام، وبديع لكنةٍ..

لم يكن (عطر الكلام) الذي منّ الله به عليّ لأكون أحد أعضائه والعاملين فيه، برنامجاً عادياً، أو مسابقة يراد منها الدعاية والإعلان، بل كان من صميم تطبيق معاني قول الله تعالى «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» فقد كان هدي نبينا صلى الله عليه وسلـم فيه الزيادة في المدارسة له، ففي الصحيح "عن ابن عباس رضي الله عنـهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، حين يلقى جبريل، وكان جبريل يلقاه في كل ليلة من رمضان، فيدارسه القرآن"، قال: "فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة" فكان أعظم ما يجود به - إضافة لما يقوم به من جهاد وسياسة للأمة وبذل المعروف - كان بذل وقته لمدارسة القرآن وتدريسه.

كان لنا من الشرف والخير الذي أولته هيئة الترفيه في خدمة كتاب الله تلاوة وتحبيراً، ورفع الدعوة التامة نداء إلى أعظم فريضة بعد الشهادتين، ما ألهم الله به معالي رئيس هيئة الترفيه الأستاذ تركي آل الشيخ ليربط بين أهمية نداوة الصوت في تحسين القرآن، وأهميته في نداء الحق، كان لنا النصيب الكبير والحظ الوفير.

وإن من أعظم ما يرفه به المسلم حياته ويزين بها أفعاله وأقواله وسريرته القرآن العظيم، وخاصة في هذا الشهر المبارك، فقد سمعنا من خلال المتسابقين ما أطرب وشنف أسماعنا من حسن التلاوة؛ وجمال الصوت؛ وإتقان المقام؛ وبديع لكنةٍ، حيث اختلط وتساوى العربي بغيره والأسود بالأبيض، فلا فرق في جنس ولا لون ولا لغة، وتوج الفائزون عن جدارة، وليس هذا التتويج شيئاً يذكر في جانب التتويج الإلهي الأخروي، ولكن تتويج الدنيا دليل على تتويج الآخرة، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقال، يعني لصاحب القرآن،: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأ بها. وفي لفظ الترمذي: "يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب حلّه، فيلبس تاج الكرامة، ثم يقول: يا رب زده، فيلبس حلة الكرامة، ثم يقول: يا رب ارض عنه، فيرضى عنه، فيقال له: اقرأ وارق، ويزاد بكل آية حسنة".

وليس "عطر الكلام" هو الأول أو الوحيد ولن يكون الأخير مما تقوم به مملكتنا المحروسة بقيادتها الحكيمة الرشيدة منذ عهد المؤسس رحمه الله تعالى، مروراً بأبنائه الأماجد الكرام ممن تولى سدة الحكم فيها من بعده، وصولاً إلى عهدنا الزاهر الموسوم بالحزم والعزم بقيادة الملك المفدى سلمان بن عبدالعزيز، وعضده الأيمن ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، أيدهما الله بتأييده، في خدمة كتاب الله وتوحيد الأمة في ظلاله ورائحته، فلو أتينا لنعد ذلك لما وفاه كتاب، ولكننا في سياق الحديث عن نعمة الله علينا بهذا الشهر المبارك عملاً بقول لله تعالى «وأَمّا بِنعمَةِ رَبّك فَحدث» وحيث كان برنامج المسابقة عطراً، فاح شذاه، وعبقت رائحته أنحاء العالم، فلن يكون حديثنا ومقالنا إلا عطراً، نعطر به من يقرأه ومن ينشره، وبالأخص نعطر به ثناءً على من كانت الفكرة فكرته وأعده وموله وكان سببًا رئيساً لنجاحه وتمامه، فما تتوقع أن يكون حظه ونصيبه عند لقاء ربه؟

في قول الله تعالى «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» تنبيه لفضل الزمان ليس فقط إخبارًا بحتًا، بل يتضمن الحث على الاهتمام به، وزيادة في التفكر فيه ومدارسته، وليس الأمر مقصورًا على المدارسة الفردية، بل يتعدى الوسائل المعهودة إلى ما يكون فيه نفع أكبر، وانتشار أكثر، ويكون فيه أيضاً خدمة للمجتهدين من القراء، وعونًا لهم في دنياهم، بما يجدونه من عطاء، فربما أصبح ذاك الفائز أو تلك قدوةً ومتبوعًا لكثير من الناس، فيستعين بما ناله في تأسيس حياته التي ستتغير حتمًا بعد أن نال شهرته؛ وأي شهرة؟ إنها أعظم وأجمل ما يسعى المؤمن ليوصف به أن يذكر في الخلق بأنه قارئ للقرآن، بل ربما أصبح إمامًا في القراءة، وما ذاك إلا لتضافر الجهود، والتفنن في استحداث أساليب المدارسة كهذه التي نتحدث عنها "عطر الكلام".

فشكراً لهيئة الترفيه بكل عامليها، من الأدنى -وظيفة- إلى الأعلى قيادة معالي المستشار تركي آل الشيخ، المتابع بدقة، والموجه برقة. وشكراً للقائد الأعلى والداعم الأكبر خادم الحرمين الشريفين، وشكراً للداعم الملهِم للتجديد وحامل لواء التحديث ولي العهد الأمين، وقبل ذلك وبعده نحمد الله ونشكره على ما أولى وأنعم، وأختم مقالي بشكر أعضاء لجنة التحكيم الذين لم يتوانوا في النصح والتوجيه للمتسابقين، ولقناة MBC التي شاركت بفعالية في تحقيق النجاح عبر كادرها المميز إخراجاً وتصويراً. هذا، والله من وراء القصد.