المكافحة الجادة للفساد أنهت تماماً تطبيق المثل العامي (شد لي واقطع لك) وهذه نعمة كبرى نحمد الله عليها ثم نشكر عهداً تبنى المحاربة الجادة للفساد ومحاسبة كائن من كان على فساده، فقد نتج عن تلك المحاسبة صلاح الحال وسلامة المشاريع وجودة المنجزات وسرعة الإنجازات مع توفير في التكاليف ووقف للهدر.
فلم يعد المقاول يحسب حسابا لرشوة أو هدية أو اكرامية لمراقب، ولا يجرؤ على الغش أو التقصير في التنفيذ فتميزت جودة المباني واختفى التدليس في مرافقها واكتملت مواصفات الطرق وسادت العدالة في التوظيف بناء على السيرة الذاتية والمؤهل وليس العلاقات الشخصية والأهل.
نجحنا نجاحا باهرا في محاربة الفساد المالي والإداري وعلينا أن نلتفت الآن للفساد العلمي والمعلوماتي، فمع سهولة الوصول للناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر والفيسبوك والتيك توك والواتساب والسناب) برز التدليس في المؤهلات والخبرات والتخصصات والمعلومات ونشر أخبار الحصول على الجوائز والتقديرات والمميزات غير المؤكدة أو غير الصادرة من جهات رسمية موثوقة أو تقديرات مدفوعة الثمن لجهات تجارية مزيفة.. وشاع أسلوب التعزيز من مشهور فلس يبحث عن فلس أو زميل من فئة امدحنى وأمدحك و(رتوت لي وأرتوت لك) وعزز لي وأعزز لك.
ففي مجال المؤهلات والخبرات والسير الذاتية ونيل الجوائز العلمية الأمر خطير جدا ففيه تزكية لغير مستحق وتأهيل لغير مؤهل وخداع للمؤسسات والشركات ينعكس على الأداء والإنتاج وغبن للمؤهل الحقيقي المستحق، ناهيك عن أنه كذب وافتراء لا يليق بنا وبما نشهده من تطور.
أما في مجال المعلومات فالأمر أخطر بكثير، فنشر المعلومة غير الصحيحة ولا الثابتة والترويج لها يخدع المتلقي ويغرر به ويضر بصحته إن كانت المعلومة صحية وبنفسيته إن كانت نفسية وبأسرته إن كانت أسرية وبالمجتمع اجمع إن كانت معلومة اجتماعية، وقد كثر من ينهجون هذا النهج بحثا عن الشهرة والانتشار ومنهم للأسف أطباء قلب وجراحة وأطباء نفس وصيادلة وأساتذة جامعات وباحثين.
لذا فإنني أقترح وضع حد لهذا التزييف والتدليس بمعاملته كجريمة معلوماتية، وهو كذلك، وعلى من يروج لمعلومة دون سند علمي محكم أو يدعي تأهيلا وتميزا غير صحيح ولا موثق من جهة معتمدة أن يتحمل مسؤولية ما صدر منه أو ما روّج له.
التعليقات