لا يوجد اختلاف في الرأي حول فائدة النوم الكافي ليلا والاستيقاظ المبكر. الاختلاف بين الناس هو في القدرة على التطبيق. أما الذين تتطلب مسؤولياتهم العمل ليلا فلهم ظروفهم الخاصة ومسؤولياتهم التي يستحقون عليها التقدير ويستحقون تطبيق نظام التناوب مع زملاء العمل.
تبعا لما سبق ارتبط النجاح حسب رأي كثيرين بالصباح والاستيقاظ المبكر بعد نوم ساعات كافية. وهذا رأي أو معلومة أو حقيقة لها استثناءاتها، وهناك من يركز على عدد ساعات النوم وليس على الوقت الذي يستيقظ فيه.
لكل إنسان برنامجه اليومي وطريقته الخاصة في التعامل مع وقت النوم والاستيقاظ والتعود على القيام بأعمال معينة تتحول مع الوقت إلى روتين. ولكل إنسان برنامجه الصباحي الخاص به المناسب له، وهذا لا يمنع الاستفادة من تجارب الآخرين.
في هذا المجال قرأت لكم كتاب (نجاحك في صباحك) تأليف بينجامين سبول، ومايكل زاندر.. ترجمة متعب فهد الشمري/ دار مدارك للنشر 2020. هذا الكتاب يتيح للقارئ التعرف على تجارب الآخرين حيث يضم الكتاب أربعة وستين لقاء عن الروتين الصباحي مع شخصيات ناجحة حول العالم. الهدف من الكتاب حسب المقدمة ليس توجيه القارئ لطريقة واحدة ومباشرة لبدء اليوم وإنما تجريب العديد من الطرق حتى يستطيع وضع الروتين الصباحي المناسب له.
الحديث في هذا الموضوع يذكرنا بساعات العمل النظامية وغير النظامية إن صح التعبير. المقصود هنا أن بعض المؤسسات والشركات تكلف الموظفين بساعات إضافية خارج نطاق العقد وبدون مقابل، أصبح بعض الموظفين يقضون يومهم كاملا في العمل وقد لا يعودون لأسرهم إلا بعد صلاة العشاء، يعودون منهكين وليس لديهم وقت لأسرهم، وعليهم أن يستعدوا لليوم التالي وقد يلاحقهم العمل وهم في المنزل. هؤلاء الموظفين مجبرين على النوم مبكرا في الليل لأنهم بحاجة إلى الطاقة والتركيز طوال النهار.
موضوع النوم فيه تفاصيل كثيرة، ويتأثر بعوامل متعددة منها عدد أفراد الأسرة، ومواعيد العمل، ووجود الأطفال، وتوافق مواعيد النوم والاستيقاظ بين الزوجين، والحالة النفسية، والاستقرار الأسري، والحالة الاجتماعية والاقتصادية، والبرنامج الغذائي، وغيرها. ولهذا ليس من السهل توجيه نصيحة للنوم لشخص معين وتتوقع منه أن ينفذها فورا وبسهولة، أو تعميم نظام معين على الجميع.
قراءة الروتين الصباحي للأسماء الواردة في الكتاب المشار إليه ربما تستحضر بعض المقارنات أو التساؤلات حول مدى وجود فوارق في عادات النوم بين مجتمع وآخر بتأثير الثقافة ونمط الحياة الاجتماعية. النوم وأساسياته أمر أساسي ومشترك في حياة الناس، الفرق هو في التفاصيل، والأمر المتفق عليه هو أهمية النوم الكافي والبرنامج الصباحي. هذا البرنامج مسألة شخصية ويختلف من شخص لآخر ولكنه يتأثر بالعوامل الثقافية والاجتماعية. السيد ديزي خان على سبيل المثال - وهو مسلم – يجيب على سؤال: ما هو روتينك الصباحي قائلا - حسب الكتاب المشار إليه -: (يعتمد وقت استيقاظي على مواقيت الصلاة المتغيرة، ولهذا أقوم بتعديل وقت الاستيقاظ وفقا لذلك). وهكذا سنجد في الكتاب نظاما صباحيا متنوعا وجاذبا وطريفا ومحفزا على استثمار الطاقة المتوفرة في الصباح الباكر لمن استطاع الفوز بساعات نوم كافية في الليل.
ما هي الأسئلة التي يمكن طرحها حول موضوع النوم.؟ هل تحول العالم إلى عالم ليلي.؟ هل لهذا التحول – إذا كان صحيحا – علاقة بتوتر الإنسان، توتر العالم.؟ هل لهذا التحول علاقة بالأمراض.؟ لماذا يضيع الإنسان وقت إجازته بالنوم في النهار.؟، لماذا يسهر الإنسان؟. لماذا يصاب بالأرق.؟ تلك أسئلة تحتاج إلى دراسة وإجابات علمية.؟ ولعلي أوجهها للكاتب المبدع الأستاذ مشعل السديري ليضيفها إلى الأسئلة الواردة في مقاله في الشرق الأوسط بعنوان (كلمة ورد غطاها). ورد في هذا المقال
الطريف: (ما السؤال الذي توقعته ولم يأت؟ الإجابة: ليس هو السؤال الذي توقعته ولم يأت ولكنه النوم في الليلة البارحة، ألا قاتل الله السهاد.) أما المبدعة غادة السمان فلها عبارة طريفة تقول: حلمت ليلة البارحة أنني نمت!
أما أنا فأقول لكم، إنها الساعة التاسعة والنصف مساء، حان وقت النوم، تصبحون على خير.
التعليقات