يشتكي كثير من ذوي الدخل المحدود جور ملاك المنازل التي يستأجرونها، وشكواهم تتلخص في أنهم قبل توقيع عقد الإيجار يواجهون إغراءً وترغيباً ووعوداً بالاستقرار وعدم زيادة الإيجار، فيقومون بترميم المنزل المستأجر بما يناسب احتياجهم وفرشه وتأثيثه بما يتناسب مع مساحته وسط آمال عراض بالاستقرار واستغلال تلك التحسينات والترميمات والإصلاحات لعدة سنوات بما يوازي ما صرفوه من مبالغ.
لكن المالك سرعان ما يدعي الحاجة للمنزل لتزويج ابنه (وهذا هو العذر الشائع) أما التحجج بأنه سيتزوج بثانية فنادر جداً لأنه يعلم أن تلك الكذبة لو تسربت لداخل منزله فإن أول من سيصدقها زوجته وسيتعرض لأضرار يصعب ترميمها!
ويكمن الاستدراج غير النزيه في رفض ابرام عقد طويل (خمس إلى عشر سنوات) يضمن استقرار قيمة الإيجار ومدته، حيث يصر المالك ومكتب العقار على عقد سنوي يفترض أن يتم تجديده سنوياِ بنفس الشروط، لكن ما يحدث هو مفاجأة المستأجر، إما بزيادة الإيجار أو طلب الخروج وتسليم المنزل الذي صرف المستأجر مبالغ طائلة لترميمه وتأثيثه.
الشكوى من هذا الإجحاف لا تقتصر على الأفراد والأسر المحتاجة، بل حتى الشركات تشتكي من نفس الممارسة عند الاستئجار لموظفيها سواء من العمالة العزاب أو الموظف وعائلته الذي يستحق السكن.
هذه الممارسة مربط الفرس فيها هو تحديد مدة العقد بسنة ويفترض أن يجبر المالك الراغب بالاستثمار في الإيجار على قبول توقيع عقود طويلة الأجل بإيجار سنوي ثابت أو قابل للزيادة بحد أعلى وسقف لا يتعداه وباتفاق الطرفين عند توقيع العقد مع إمكانية التخفيض باتفاقهما أيضاً إذا تغيرت ظروف السوق العقاري وزاد العرض عن الطلب.
إن عدم استقرار الساكن وكثرت تنقله أمر غير محمود ويرهق الأجهزة الحكومية في شكل تحول أفراد الأسرة من مدرسة لأخرى ومن مركز صحي لآخر، هذا خلاف التبعات النفسية والمالية التي تتعرض لها الأسرة وتنعكس سلباً على المجتمع، ناهيك عن كون إخراج الساكن من مسكنه -الذي صرف على ترميمه وفرشه وتأثيثه- أمر فيه ظلم له واستغلال لحاجته وتحايل عليه، خاصة إذا كان المبرر جشعاً واستغلالاً وعذراً كاذباً.
أقترح إعادة النظر في صيغة عقود تأجير المساكن بما يتناسب مع أهمية السكن كعنصر إنساني مثله مثل المأكل والمشرب والصحة وبما يضمن استقرار المستأجر وسلامة استثمار المالك الراغب في الاستثمار في هذا العنصر الإنساني.
التعليقات