علاقة المتلقي بالمنتج الشعري وارتباطه به، تبدأ بأول محفز يختص بالانتقاء وهو الذائقة لديه، ومن ثم عوامل الجذب المعروفة في المنتج نفسه، والتي تتمثل في ثلاث، معروفة وغنية عن التوضيح والشرح والتفصيل «التشويق وتتابع الفكرة والإقناع».
هذه الثلاث اختيارات من كثير وليس حصرا دون سواها ولكنها الأبرز، تبقي على ذلك الارتباط، فالمتلقي يتابع النص استماعا أو قراءة ويتشوق أثناء ذلك عبر السياق إلى النتائج وتبقى آماله في المنتج عالية كلما قويت عوامل الجذب والتشويق، على أن قطف ثمار المعنى عاجلا قد يسبب التوقف عن المتابعة ومن هنا يبقي بعض الشعراء نهاية الفكرة مع تمام القصيدة.
ويتمايز الشعراء بحسب الوصول إلى توفر التشويق والأسلوب والانسيابية في الوصول بالفكرة إلى تكاملها. وبحسب الغرض ورؤية الشاعر نفسه وقناعته يعمد بعضهم إلى تقديم الفكرة مباشرة ومن أول أبيات القصيدة حتى ولو كان ذلك سببا في إنهاء التعلق بها من قبل المتلقي، بينما آخرون يرون أن تبقى ضمن كل أبياتها كنسيج متداخل معها لا يمكن فصلها فكرة مكتملة قبل النهاية، وربما جنح عامدا إلى الغموض، والبعض يجزئ الفكرة العامة إلى أكثر من جزء يراه فرعيا يمكن أن يستقل ويمكن أن يضاف للفكرة العامة.
وليس هناك مدارس أو نقاد أو حتى تعليمات تملي على الشاعر شرطا أو قيدا يتقيد به بل ولا يمكن، فهو حر يلتزم أو يخالف وينفرد بطريقة يراها، فهذه كلها خصائص تتولد مع العمل وتكون أشبه بالطرائق التي يكون المنتج الشعري اتصف بها لأن الشاعر يحبذ اتصاف عمله بهكذا صفة، وليس من جبر وتسلط على الشاعر في انطلاقته، فالمهم الالتزام بالمثل والفضائل والحرص على المبادئ والثوابت والسلم العام للمجتمع، وأما الأساليب فالطرق مفتوحة أمامه.
يقول الشاعر: فهد بن إبراهيم المفرج التميمي
يا خالق الدنيا عليك التياسير
استلهمك و استرشدك و استعينك
و ابدا بذكرك يا ولي التدابير
و اسجد رضاً لك و العطا في يدينك
و اخلاف ذا يا سامعي ما بها غير
علم ٍ يفيدك في بقايا سنينك
سطرتها بالنصح و الخير تسطير
و اعلنتها ما قلت بيني و بينك
ثنتين يعطنّك معزة و تقدير
دينك و فعل البر في والدينك
و ثنتين منهن يكثرن المخاسير
درب الضياع و صحبةٍ ما تعينك
و ثنتين عنهن ما تجوز المعاذير
سترك لأهل بيتك و مكسب يمينك
و ثنتين لو طال الزمن ما بهن خير
هرج القفى و مجاملة من يهينك
و ثنتين يطلقن الوجيه المسافير
ترديد ترحيبك و ضحكة جبينك
و ثنتين يسون التعب و المشاوير
مواصل ارحامك و فزعة قرينك
و ثنتين نار و عار معنى و تفسير
ترضى الخنا و تخون مستامنينك
و ثنتين لا تقبل بهن الاشاوير
الجار و الصاحب ليا قال وينك
و ثنتين يشرن بالذهب و الدنانير
حشمة ابن عمك و نصرة عوينك
و ثنتين جنبهن و احذرك تحذير
فعلٍ يشنّع بك و هرجٍ يدينك
ويقول الشاعر : ناصر آل جمان.
ما همني ضرب العصا في ظلالي
لا صار ظلي يحرق قلوب وأعصاب
أخسر وجيه أهل الكبر والتعالي
وأكسب كنوز أهل المعرفة والاداب
الطيب قوله ينضمن بالفعالي
ما هو سواليف المجالس والالقاب
ما ينقطع حبل الرجاء والوصالي
عندي ثقة في الرب ماني بمرتاب
ويقول الشاعر: معدي الكذوب العاطفي القحطاني . رحمه الله
يالله ياللي سترك استر من الليل ودجاه
ماعلى غراتنا الا أنت ياجل وعلا
انتقرب منك بصيام واحسان وصلاة
جعلها في خشية منك عن دفعة بلا
فيك من يقرب من الخوف يبشر بالنجاة
وفيك ماودعك ربك وماقلا
الجمايل فيك يلقى لها الواحد طراة
جعلني من رحمتك لاعدم ولاخلا
ويقول الشاعر : مقحم الحريص:
ريحونا ياهل الهرج سودان القلوب
كل ملقوف على لسانه يعض شحمة
والله انا ماجهلنا الطرايق والدروب
خل عاد اللي على الدرب يومي بعلمه
انتحاشى زلة ماوراها الا الذنوب
والا دعوة ساجد قبل تظهر من فمه
التعليقات