تأمين المركبات بالمملكة الأقل تكلفة.. و«الصحي لم يرتفع رغم ارتفاع المطالبات»
ارتفعت أسعار التأمين على المركبات خلال الفترة الماضية، وعزت شركات التأمين ذلك إلى زيادة الحوادث المرورية وزيادة أسعار قطع الغيار، بالإضافة إلى زيادة التكاليف من مقدمي الخدمة مثل الورش والوكالات، الأسعار ارتفعت على وثائق التأمين ضد الغير من متوسط 500 ريال إلى 1500 ريال بنسبة 300 %، أما التأمين الشامل فقد ارتفعت النسبة من 5 % من قيمة المركبة إلى 10 % أي الضعف.
وزارة الداخلية أصدرت العام الماضي تقريرا عن الحوادث المرورية، أكدت فيه انخفاض أعداد الحوادث الجسيمة خلال السنوات الماضية بنسبة 34 %، ومعها انخفضت أعداد الوفيات المرورية بنسبة 51 %، وهذا الانخفاض جاء بسبب الإصلاحات في أنظمة السلامة المرورية، كما أن وزارة النقل وبالتعاون مع عدد من الجهات ذات العلاقة قامت بمعالجة النقاط السوداء على طرق المملكة المسببة للحوادث المرورية، والتي ساهمت في رفع مستوى السلامة المرورية، أيضا دفعت عمليات الرصد الآلي للمخالفات المرورية قائدي المركبات إلى الالتزام بأنظمة المرور وتقليل نسب الحوادث.
التأمين على المركبات يستند على "التسعيرة الاكتوارية" وهذه الطريقة لا تحتسب على كثرة أو وشدة الحوادث المرورية، بل على التكاليف المرتفعة فيما يتعلق بنفقات التوظيف والتنظيم والضرائب وغيرها من النفقات التشغيلية التي لا يمكن تجنبها، ولكن معظم شركات التأمين في المملكة لا تعمل بهذه الطريقة، لأن تأمين المركبات في المملكة من أقل أنواع التأمين تكلفة فهو لا يحتاج إلى مسوقين لأن الاكتتاب في وثائق التأمين يتم من خلال الموقع الالكتروني للشركة أو المواقع الوسيطة التي تسوق للتأمين من خلال عرض كل شركات التأمين على صفحاتها والمؤمن له يختار ما يناسبه، ثم يقوم بشراء الوثيقة والدفع إلكترونيا دون أي تدخل بشري، ثم إن مباشرة الحوادث المرورية يتم عن طريق شركة نجم لخدمات التأمين التي تقوم بتقييم الحوادث المرورية التي لا يوجد فيها إصابات بشرية ثم تحديد نسب الخطأ، ومنذ إطلاق خدمات "نجم" انخفضت الممارسات غير العادلة التي كانت تكبد شركات التأمين خسائر كبيرة.
الأرقام التي ينشرها البنك المركزي السعودي عن قطاع التأمين تشير إلى أن التعويضات التي دفعتها شركات التأمين سجلت أعلى رقم في الربع الرابع من العام 2021 بنسبة 94 % من إجمالي قيمة وثائق التأمين المكتتب بها وهذا حدث استثنائي في ربع واحد فقط ولا يمكن الاعتماد عليه في رفع أسعار التأمين حيث شهدت التسعة أشهر من العام 2022 تراجعا في النسبة إلى 75 % مقارنة مع العام 2021 التي كانت عند 78 % وإذا أخذنا نسبة زيادة التعويضات التي حدثت في الربع الثالث من العام 2022 مقارنة مع الربع الثاني من نفس العام نجد أنها زادت بنسبة 12 % ولكن قابلها زيادة في قيمة وثائق التأمين المكتتب بها بنحو 16 %.
وإذا توسعنا أكثر في تحليل أرقام قطاع التأمين نجد أن قطاع التأمين الصحي وهو الذي يستحوذ على نسبة 59 % من النشاط التأميني في المملكة، وصلت نسبة المطالبات التي دفعت لمقدمي الخدمات الصحية 80 % من إجمالي الأقساط المكتتب بها مقابل نسبة 79 % لتأمين المركبات، ومع ذلك لم يرفع قطاع التأمين الصحي أسعار وثائق التأمين كما حدث في تأمين المركبات مع أن أسعار الخدمات الصحية والأدوية زادت، كما أن التعديل الأخير في الوثيقة الموحدة للتأمين الإلزامي على المركبات أتاح للشركات خيار إصلاح المركبة، عوضا عن التعويض النقدي لمتضرري الحوادث المرورية، وهذا من شأنه خفض قيمة التعويضات التي تدفعها شركات التأمين.
رأي: الأرقام التي تم تحليلها لا تبرئ ساحة شركات التأمين التي رفعت الأسعار بطريقة جنونية، ربما كانت أسعار التأمين منخفضة لكن هذا لا يبرر الرفع بثلاثة أضعاف، ما يهمنا هو أن تحقق شركات التأمين أرباحا بطريقة عادلة تضمن استمرارية الشركات وتحقيق عوائد جيدة لمساهميها، وبما لا يؤثر على المؤمن له لأن الأسعار المرتفعة قد تتسبب في العزوف عن التأمين وهذا له عواقب وخيمة على المجتمع ولذلك نطلب من البنك المركزي السعودي مع الإدارة العامة للمرور بمشاركة الخبراء الاكتواريين تحديد إطار سعري عادل لوثائق التأمين بما يضمن حماية شركات التأمين من الخسائر وحماية قائدي المركبات من تكاليف الوثائق التأمينية الباهظة.

التعليقات