الخوف غريزة إنسانية طبيعية فينا كبشر، وتاريخ الخوف على العموم مرتبط بالتاريخ البشري، ومنذ الإنسان البدائي الأول الذي كان يخاف من كل ما حوله من سباع وضباع وحيوانات مفترسه، وما شابهها في الفترة الطوطمية التي تحدث عنها عالم النفس الكبير سيغموند فرويد، وغيره، في دراسات تناولت الشعوب البدائية محللا نفسيات تلك الشعوب وتطور التابو في حياتهم.
أن الخوف في علم النفس معروف أنه من أكثر العواطف السلبية تدميراً للحياة، لهذا تشير الدراسات الحديثة بشيء من التأكيد على طول عمر الإنسان في عصرنا الحاضر، أكبر بكثير من عصور سابقة، وهو في تمدد مستمر، أي أن عمر الإنسان قابل للزيادة كلما تمكن العلم من تحقيق مزيد من الإنجازات الكبيرة على مستوى علوم الطب، وتلك العلوم التي تساعد على تحقيق رفاه وسعادة أكثر للإنسان، وربما يكون إزالة الخوف، أو التخفيف منه عاملاً مهماً في تحقيق هذا الهدف، والذي يتلخص في إطالة عمر الإنسان.
وعلى سبيل المثال لو عدنا إلى عمر الإنسان قبل ألف عام من الآن، أو ما يزيد عن ذلك قليلاً لوجدنا أن متوسطه كان 60 سنة، بينما نجد إنسان اليوم يعيش بين الثمانين والمائة سنة، ذلك يعود من وجهة نظري إلى التخفيف من حدة الخوف من المستقبل، ومن المصير، والخوف من بكرة، والخوف من الأمراض التي تمثل هي الأخرى شبحاً خطيراً يهدد حياته، إلى جانب تطور الاكتشافات العلمية في مجال الطب التي أشرنا إليها أنفاً والتي تسعى على الدوام إلى التخفيف من الألم.
وقد سبق لي أن كتبت بحثاً مصغراً عن أكثر الناس سعادة وطولة عمر بين شعوب العالم حالياً، ووجدت أنهم الصينيون، لأسباب بسيطة جداً، تتلخص في التالي:
أنهم شعوب نباتية، لا تأكل اللحوم إطلاقاً، وهو الأمر الذي يحقق لهم صحة جيدة، ويقيهم الأمراض، وثانيها أنهم شعوب "رايقة" تحب الموسيقى وممارسة اليوغا المعتمدة على تفريغ الطاقة السلبية، وشحن طاقة إيجابية بشكل يومي، والتأمل والاسترخاء، وثالثها أنهم أقل الشعوب خوفاً من المستقبل، لا يفكرون كثيراً في الغد وماذا يمكن أن يحدث فيه من كوارث أو مصائب، ولذلك فإن الشعوب الصينية تعيش بين 100 إلى 120 سنة، بصحة جيدة.
أن الخوف في حياتنا يتعدد ويتنوع، فهناك خوف على مستقبل الأبناء، وخوف على العمل أو عدم توفر المال لتحقيق حياة رغيدة، وخوف المرأة مثلاً من الطلاق أو المشاكل الزوجية المستمرة، وخوف الشاب بعد التخرج من عدم الحصول على وظيفة، حتى أن البعض يخاف من الأخبار السياسية اليومية، فهي مخاوف كثيرة، أهمها الخوف من الموت.
إننا بحاجة إلى التخلص من شبح الخوف، ومن التفكير المقلق في المستقبل المجهول، وهذا لا يعني إلا نخطط للمستقبل أو أن نعمل من أجل بناء مستقبل أجمل لنا ولأبنائنا ولكن ما أقصده هو الخوف الذي يعرقل مسيرة حياتك، ويجعلك شبه مشلول في حياتك اليومية.
التعليقات