نظام التأمينات الاجتماعية في مادته الثامنة والثلاثين الفقرة (ب) أجاز للمشترك الذي لم يبلغ سن الستين ولم يعد خاضعاً لأحكام هذا النظام الحصول على المعاش التقاعدي متى ما بلغت مدة اشتراكه (300) ثلاث مئة شهراً على الأقل، هذه المادة منحت الموظف حرية التقاعد مبكراً متى ما وجد أنه غير قادر على العمل ومعاشه التقاعدي يكفي نفقاته الشهرية، هذه الحالة تنطبق على أقل من 15 % من الموظفين أما البقية يحتاجون الى الاستمرار في الوظيفة حتى سن التقاعد النظامي وهذا حق أصيل لهم.
ما يحصل أن بعض الشركات تستغل هذه المادة من أجل التخلص من موظفيها لتخفيض المصروفات الإدارية فهذا تصرف يتنافى مع القيم النبيلة وأخلاقيات العمل التي يكفلها النظام، الرؤساء التنفيذيون للشركات يبحثون عن تعظيم أرباح شركاتهم لضمان بقائهم والحصول على الحوافز المادية بنهاية العام، وهذا حق لا يلامون عليه ولكن عندما يكون على حساب موظف أفنى زهرة شبابة في خدمة الشركة وفي وقت حساس من عمره تُنهى العلاقة التعاقدية معه وهو في أمس الحاجة إلى زيادة دخله لتغطية النفقات المتزايدة فهذا أمر غير مقبول مهما كانت المبررات.
إحدى الشركات التي تحقق أرباحاً سنوية بالمليارات تخلصت خلال السنتين الماضيتين من معظم موظفيها الذين وصلوا إلى سن التقاعد المبكر بل تجاوزت ذلك وأنهت العلاقة التعاقدية مع موظفين قبل ذلك بعدة سنوات وتركتهم أمام التزامات مالية كبيرة منها سداد أقساط اشتراك التأمينات الاجتماعية، الإدارة القانونية لتلك الشركة تستعدي الموظفين وتطلب منهم تقديم خطاب الاستقالة مع مكافأة مالية بسيطة جداً وإن رفض الموظف هددوه بالفصل بحجة إعادة الهيكلة وحرمانه من المكافئة المالية، وعندما يطالب الموظف إنهاء العلاقة التعاقدية بناء على المادة السابعة والسبعون والتي تُلزم الشركة بتعويض نصف راتب عن كل سنة يرفضون.
رسالة إلى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وهي المسؤولة عن تنظيم السياسات والإجراءات التي تلزم المنشآت بتنظيم العلاقة بينها وبين موظفيها بطريقة عادلة ومنصفة، أن تلتفت للشركات التي تنتهج أسلوب أنا أكسب والبقية يخسرون لأن هذه الممارسات لو انتشرت بين الشركات سوف تخلق مشكلات اجتماعية وأسرية كبيرة، وأيضا تحمل الدولة أعباء من زيادة في النفقات المالية للتأمينات الاجتماعية وبرامج الحماية الاجتماعية ولذلك لا بد من التدخل ودراسة هذه الظاهرة التي أصبحت تتسع مع التعديلات الأخيرة لنظام العمل الذي منح الشركات حرية إنهاء علاقتها التعاقدية مع الموظف من دون سبب مشروع.
التعليقات