ودعنا بالأمس عام 2022 عام كان سيئا على صعيد الاقتصاد العالمي ارتفعت فيه معدلات التضخم إلى أرقام قياسية، تبعها تشديد للسياسات النقدية ورفع لمعدلات الفائدة زادت من تكلفة الديون، الاقتصادات الناشئة واجهت مشكلة تدهور أسعار الصرف لعملاتها فانخفضت احتياطاتها من النقد الأجنبي وعجزت عن تمويل وارداتها، ديون متراكمة وفقر متزايد وسلاسل إمداد متعطلة وصراعات جيوسياسية وتغير مناخي تسبب في كوارث إنسانية، تباطؤ في النمو وتراجع في الإيرادات وزيادة في المصروفات، وفي ظل هذه الظروف القاسية يدخل العام الجديد 2023 وهو مثقل بكل هذه التحديات الاقتصادية الكبيرة فالتعافي يبدو بعيدا والركود بات قريبا وحلول المشكلات أصبحت أكثر تعقيدا، الاقتصاد السعودي يواجه مع العالم كل هذه التحديات فما يؤثر على الاقتصاد العالمي لا شك أن يؤثر بشكل مباشر وغير مباشر عليه، إلا أن الأثر قد يكون أقل بكثير من الأثر الذي قد يطال الاقتصادات العالمية، العام المنصرم رغم المشكلات الاقتصادية العالمية إلا أن الاقتصاد السعودي بفضل الله استطاع تحقيق معدلات نمو هي الأعلى على مستوى العالم متوقع أن تصل إلى 8.5 %، كما أن معدلات التضخم رغم ارتفاعها إلا أنها كانت هي الأقل عالميا حيث تراوحت في حدود الـ3% أرقام البطالة شهدت تراجعا كبيرا وصلت في الربع الثاني إلى 9.7% بين السعوديين و5.8% بين السكان ورغم الارتفاع الطفيف في معدل البطالة بين السعوديين في الربع الثالث إلى 9.9% إلا أن معدل البطالة بين السعوديين الذكور تراجعت إلى 4.3%، وهذه النسبة هي الأدنى منذ 20 عاما، كل هذه الأرقام الجيدة التي حققها الاقتصاد السعودي في العام السابق رغم كل التحديات الاقتصادية تؤكد نجاح الحكومة في الإصلاحات الاقتصادية والإجراءات الفعالة التي ساهمت في تنمية الاقتصاد المحلي وقدرته على التعامل مع الأحداث والمتغيرات الاقتصادية والتنبؤ بالمشكلات والتداعيات العالمية والتوترات الجيوسياسية وتلافي أثرها أو التقليل من حدتها على الاقتصاد المحلي، التحليلات الاقتصادية التي صدرت عن المنظمات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد وبيوت الخبرة والبنوك الاستثمارية تؤكد أن العام الجديد 2023 سوف تكون تداعياته الاقتصادية مؤلمة ليس على الاقتصادات الناشئة فحسب بل على الاقتصادات الكبرى وخصوصا الاقتصاد الأمريكي والبريطاني واقتصادات دول اليورو، وقد يشهد العالم ركودا اقتصاديا هذا العام، الاقتصاد السعودي لن يكون في منأى من هذا الركود ولكن توقعات المؤسسات المالية الدولية تؤكد بأن أسعار النفط سوف تتراوح ما بين 110 دولارات للبرميل إلى 92 دولارا وأقل هذه التوقعات تزيد عن السعر المقدر في الميزانية السعودية بحوالي 15 دولارا للبرميل وهذا يؤكد توقعات المالية السعودية بأن ميزانية عام 2023 سوف تشهد فائضا ماليا بحوالي 16 مليار ريال مع زيادة الانفاق إلى 1.1 تريلون ريال، مما يعني أن النشاط الاقتصادي المحلي سوف ينمو بشكل جيد مما يزيد فرص نمو الوظائف والاستمرار في خفض معدلات البطالة، الصادرات السعودية حتى شهر أكتوبر من عام 2022 شهدت نموا كبيرا، النفطية ارتفعت إلى 1.04 تريلون ريال من 601 مليار ريال خلال الفترة المماثلة بنسبة نمو 74% أما الصادرات غير النفطية ارتفعت إلى 227 مليار ريال من 186 مليار ريال خلال الفترة المماثلة وبنسبة نمو بلغت 22% كما أن نشاط إعادة التصدير نما إلى 42 مليار ريال من 34 مليار ريال خلال الفترة المماثلة وبنسبة نمو وصلت إلى 25% هذه الأرقام مع مبادرة المحتوى المحلي تعطينا مؤشرات قوية على قدرة الاقتصاد السعودي على تجاوز التحديات الاقتصادية القادمة بأقل الأضرار، وسوف تستمر الدولة في دعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من أجل المحافظة عليها وتعزيز قدرة الصناعة السعودية من خلال القروض الميسرة عبر الصناديق المتخصصة وحماية منتجاتها، أما السياحة وهي مصدر الدخل الجديد سوف تعزز مكانة المملكة بين الدول الأكثر جذبا للسياح وتساهم في تنمية الناتج المحلي الإجمالي، فالحج والعمرة والزيارة أصبحت أكثر سهولة بعد التسهيلات التي قدمتها الحكومة لضيوف الرحمن الراغبين بأداء العمرة من فتح للعمرة على مدار العام وإصدار التأشيرة إلكترونيا خلال دقائق واتاحت للحاصلين عليها حرية التنقل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة وجميع مدن المملكة خلال فترة الإقامة، وهذه التسهيلات الجديدة ساهمت في رفع أعداد المعتمرين إلى ستة ملايين معتمر من خارج المملكة خلال عام 2022 ومتوقع مواصلة النمو خلال السنوات القادمة.

التعليقات