إذا نظرنا إلى جهة الطلب على الكهرباء فإنها تتكون عادة من محصلة الأنواع المختلفة والمتعددة من المشتركين والذين يستهلكون الطاقة الكهربائية في مختلف الأغراض (التبريد، التدفئة، الإضاءة، الترفيه، الاتصالات، المشاريع الصناعية والزراعية والتجارية المختلفة، إلخ) والتي عادة ما تختلف خصائصها وطبيعة تغيرها مع الزمن.
ولهذا فإن من طبيعة الطلب أن تختلف قيم أحماله الإجمالية كل ساعة في اليوم أو في الأسبوع أو تبعا لتغير فصول السنة حيث تتأثر أنشطة المشتركين وبالتالي استهلاكهم للكهرباء بتغير الجو إذ تزداد أحمال التكييف في الصيف كما قد ترتفع أحمال التدفئة في الشتاء.
لذا تهدف المنظومة الكهربائية إلى توفير الخدمات الكهربائية الجيدة للمشتركين وذلك بإيصال التغذية الكهربائية بالسعة المطلوبة لكل مشترك وبأعلى مستوى ممكن من الجودة والموثوقية.
ولتحقيق هذه الأهداف فإنه ينبغي التحول نحو الاستخدام الأمثل لإمكانيات النظم الكهربائية وبخاصة ذلك الجزء من النظام الذي تقع عليه مسؤولية إمداد المشتركين بالتغذية الكهربائية (محطات التوليد، خطوط النقل، شبكات التوزيع) والذي يطلق عليه عادة (جهة الإمداد)، ولا يتأتى الاستخدام الأمثل لإمكانيات جهة الإمداد هذه بدون التنسيق الكامل مع الجهة الأخرى والتي يطلق عليها عادة جهة الطلب التي تمثل أحمال المشتركين.
ومن أجل تطوير إطار تنظيمي يتماشى مع أنظمة الدولة وسياساتها وفق المعايير والمواصفات المطبقة في المملكة ويواكب وينافس أفضل الأساليب المستخدمة عالميا لمتابعة أداء مقدمي الخدمة لضمان حصول المشتركين (مستهلكو الطاقة الكهربائية) على إمدادات للطاقة كهربائية تكون آمنة وموثوقة وذات جودة متميزة وكفاءة عالية وبأسعار معقولة تناسب الجميع، لذا قامت هيئة تنظيم المياه والكهرباء وهي الجهة المسؤولة التي تقوم بتنظيم قطاع الكهرباء بإعداد الإصدار الثامن من دليل تقديم الخدمة الكهربائية الذي يحقق أهداف المنظومة الكهربائية بإيصال خدماتها بأعلى مستوى ممكن من الموثوقية والجودة والأمان ويمكنها من مواكبة متطلبات المشتركين وكذلك مجابهة تغير الأحمال وتذبذبها في جميع الأوقات، ولعل أبرز ما ورد في ذلك الدليل هو بيان الكيفية والنمط الذين يتم على أساسهما تنظيم العلاقة بين مقدم الخدمة الكهربائية والمشترك والاشتراطات المتعلقة بتقديم الخدمة للمستفيدين بكافة فئاتهم وقطاعاتهم بما يحقق التنسيق التام والتوازن الدقيق بين مصالح كل من مقدم الخدمة والمستهلك على حد سواء.
ومن مزايا التحديثات على هذا الدليل التي تصب في صالح المشترك أنه كان في السابق اعتبار لزيادة مسطحات المباني في إيجاد غرفة توزيع كهربائية ضمن مساحة المبنى ولكن من الممكن الآن الزيادة في تلك المسطحات دون المطالبة بتوفير موقع لمحطة توزيع فرعية، كما تم تقليص المدة المطلوبة لإتمام إيصال الخدمة بعد سداد مقابل الإيصال، كما روعي أيضًا خفض متطلبات وتكلفة إيصال الخدمة للمشترك من خلال الاستغلال الأمثل للسعات المتاحة في المنظومة الكهربائية.
إلى جانب ذلك ولضمان تغطية الأحمال بكل كفاءة وموثوقية واقتدار فقد تم التأكيد على صاحب المخطط تحديد أحماله الكهربائية عن طريق مكتب هندسي معتمد والرد على طلبه خلال وقت قصير.
ومن ضمن المزايا المتاحة للمشترك أيضًا هي إمكانية الحصول على تغذية إضافية لمنشأته تبعًا للتوسعات الطارئة بها من الشبكة العامة مع تحمله التكاليف المترتبة على ذلك.
أما كبار المشتركين وأصحاب المشاريع الكبيرة والمخططات الجديدة فقد كان لهم اعتبار خاص من حيث تلبية طلباتهم للخدمات الكهربائية الموصلة لمنشآتهم ومشاريعهم ومخططاتهم من كافة مستويات الجهود (العالي والمتوسط والمنخفض) من خلال اعتماد آلية لحساب أحمالهم بطرق تقنية وهندسية عالية الدقة لتعزيز موثوقيتها وتخفيض تكاليفها.
لذلك، فمن خلال قراءتنا لهذه التعديلات في الإصدار الثامن من دليل تقديم الخدمة الكهربائية نرى أنها تهدف نحو الاستغلال الأمثل لتوفير القدرات وتحسين شبكات النقل والتوزيع وتقليل تكاليف التشغيل والصيانة مما ينعكس أثره على تخفيف المتطلبات والتكاليف على المستخدم النهائي وتسريع إجراءات طلبه وليحظى بخدمات كهربائية مستمرة ذات كفاءة وموثوقية وأمان.
التعليقات