يمكن القول إن التحوُّل الرقمي قد خلق تحديات أمام الشركات والهيئات والجهات الحكومية والخاصة، ولا سيما في طريق التسابق نحو الريادة الاقتصادية والمجتمعية، وهو ما أنتج مجموعة من الابتكارات التي تُعنى في المقام الأول بالمستفيد أو العميل، المستهلك هو المركز الذي تدور حوله بقية العناصر، هذه الفكرة الدائمة، من هذا المنطلق برزت تجربة العميل على أساس قياس تفاعلات مقدم الخدمات والعملاء، إذ تُشكِّل تصورات المستفيدين عن العنصر الأول (مقدم الخدمة)، نتيجة إمَّا للمنتجات المقدمة أو الخدمات المصاحبة عبر قنوات المؤسسات المختلفة، سواء كانت تقليدية أو صوتية أو تقنية، أو على مدار رحلة العميل من بداية التفكير في الخدمة حتى النهاية شاملة سلوكيات الموظفين، التي تعكس قيم المؤسسة وتوجهاتها. ومن هنا، فإن تجربة العميل تشمل ثلاثة مكونات رئيسة: الوظيفية، والثقافية، والعاطفية. 

على هذا النحو وُجِد القطاع الحكومي السعودي في قلب هذه المنافسة، منذ أن أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وكالة تجربة العميل في العام 2019، وهو ما أسفر عن نتائج إيجابية جدًا، من وجهة نظري، لعلَّ أهمها زيادة ما يوصف بالقدرة التنافسية، ونمو الإيرادات، وتعزيز ولاء العملاء، وتطوير البنية الداخلية للمؤسسات والشركات تماشيًا مع التحول الرقمي.

ولا يمكن فصل تجربة العميل عن التحول الرقمي، الذي بدوره يرتقي بعدة مجالات، كخدمات التأمين، والخدمات المصرفية والمالية، والرعاية الصحية، وخدمات التصنيع، وخدمات ما قبل البيع وما بعد البيع، وخدمات القطاع العام، والخدمات الاجتماعية؛ لذلك ساهم تمتع المملكة العربية السعودية ببنية تحتية رقمية جيدة، في تسريع عملية التحول الرقمي، ما جعلها ضمن أفضل 10 دول متقدمة في سياق متانة البنية التحتية الرقمية، وهذه حقيقة لا رأي شخصي.

لفت انتباهي مؤشرات ونتائج ورقة بحثية لمركز "سمت" للدراسات عن تجربة العميل لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ومن بينها نتائج استطلاعات آراء العملاء التي وصلت في بعض المجالات إلى تحقيق رضا 95 % من المستفيدين عن الخدمات حتى نهاية شهر يوليو 2022. في حين حدثت القفزة الهائلة كإحدى نتائج تطبيق تجربة العميل، عندما بلغت نسبة الرد على المكالمات الهاتفية إلى 97 % بعدما كانت بنسبة المكالمات التي لم يتم الرد عليها سابقًا 45 % من إجمالي المكالمات اليومية، بالإضافة إلى تحسين وقت انتظار العملاء عبر الهاتف من 70 دقيقة إلى دقيقتين.

اهتمام الوزارة بتحقيق رضا العملاء مبنيٌ بالدرجة الأولى على أن تحسين تجارب العملاء في القطاع الحكومي، سيؤدي إلى زيادة ثقتهم بأداء الأجهزة الحكومية؛ وهو ما يقود بالضرورة إلى زيادة مستوى الانتماء الوطني، وخلق مجالات للاستدامة والكفاءة لدى المؤسسات الحكومية، وبالتالي تعزيز تنافسية المملكة على المستوى الإقليمي والدولي، فهي منظومة متصلة من الإجراءات والاستراتيجيات.. والسلام.