بحسب الدراسات الأوروبيّة فإن سلّة المشكلات التي تواجه القارة العجوز ظهرت بجلاء أمام شعوب أوروبا مع تبعات التهديد الأكبر الذي يواجه أوروبا في محيطها المباشر والمتمثّل في حرب روسيا على أوكرانيا. وعلى ما يبدو فهذه الحرب أجبرت وستجبر الأوروبيين على إعادة التفكير في حاضرهم ومكانهم في العالم..
هل شعرت بريطانيا بعد تجربتها في الاتحاد الأوروبي أنها التحقت بمجموعة دول متناقضة الرؤية والمستقبل فانسحبت ذلك الانسحاب المدوي من العصبة الأوروبيّة؟ هل رأت ألمانيا الآن أن الوقت قد حان لبناء الذات والقدرات العسكريّة تحت ظلال أزمة أوكرانيا؟ هل فرنسا المتأرجحة بين الغرب والشرق فقدت التوازن بين "الشخصيّة" الفرنسيّة التي تلاشت في أمواج المهاجرين وتصاعد اليمين وعقبات الاقتصاد؟ هل صعود "حزب إخوة إيطاليا" اليميني إلى سدة الحكم في إيطاليا مؤشر على حقبة جديدة من الفاشيّة الأوروبيّة؟ وما حال دول أوروبيّة أخرى يتزعم "اليمين المتطرف" حكوماتها أو يمثل رقما مهما في الحياة السياسيّة كما هو الوضع في السويد والمجر وبولندا وإسبانيا وهولندا والنمسا وغيرها.
أما عن الاقتصاد (وفقًا لتوقعات المفوضيّة الأوروبيّة) فتتجه منطقة اليورو ومعظم دول الاتحاد الأوروبي إلى ركود اقتصادي واضح في الربع الأخير من عام 2022. وقالت بروكسل إن معدل التضخم سيبلغ (بالمجمل) 9.3 بالمئة في الاتحاد الأوروبي و8.5 بالمئة في منطقة اليورو بنهاية عام 2022. ويكفي أن معدل التضخم في هولندا بلغ 14.3% وفي بريطانيا تجاوز معدل التضخم 11% والبقيّة الأوروبيّة تراوح معدلاتها حول هذه الأرقام. في مجال الطاقة تواجه أوروبا اضطرابًا في أسواق الطاقة وتقلبًا في الأسعار تبعا للحقائق الجيوسياسيّة الجديدة التي فرضتها المعادلات الدوليّة وحرب أوكرانيا وضعف حضور البدائل التي يتحدث عنها السياسيّون الأوروبيّون كبديل عن الواردات من روسيا بعد خفض حصة غاز خطوط الأنابيب الروسيّة للاتحاد الأوروبي من 41% في عام 2021 إلى 9% في سبتمبر 2022.
وبحسب الدراسات الأوروبيّة فإن سلّة المشكلات التي تواجه القارة العجوز ظهرت بجلاء أمام شعوب أوروبا مع تبعات التهديد الأكبر الذي يواجه أوروبا في محيطها المباشر والمتمثّل في حرب روسيا على أوكرانيا. وعلى ما يبدو فهذه الحرب أجبرت وستجبر الأوروبيين على إعادة التفكير في حاضرهم ومكانهم في العالم. إن تجارب التاريخ وبخاصّة في أوروبا تقول إن الحروب تصنع الحاجة للحروب، ولكن القوى العالميّة تتغيّر، والتحالفات تتبدّل، والأزرار النوويّة يملكها خصوم أوروبا والغرب الذين قد يقودهم تحالف الاضطرار إلى التعاضد. أمّا التعويل على الولايات المتحدة فحقائق التاريخ أيضا تقول إن جيوش العمّ سام التي لا تفضّل الحروب القريبة من شواطئها، وهي ماهرة في إدارة الحروب عن بعد لتحفظ مكانها ومكانتها بعيدا عن المغامرين والمقامرين. ولكن هل ستدخل أوروبا حربا لمصلحة (مكانة) الولايات المتحدة لتنهي ما بقي من وجودٍ هش لكيان يتضعضع؟
يبدو أن ليس أمام أوروبا "الكهلة" في المستقبل القريب سوى الانتحار في الخط الأميركي، أو الذلّ والمسكنة مع المارد الشرقي (الصين وروسيا وحلفاؤهما) للنجاة.
- قال ومضى:
(سوط) التاريخ لا يسمع (صوت) من عاثوا في صفحاته..
التعليقات