قرأت في العدد 13962من هذه الصحيفة خبراً عن اقرار وزارة الصحة لضوابط وشروط الزي الموحد المقترح للعاملات في المنشآت الصحية والطبية، والواقع ان اصدار مثل هذه الضوابط تأخر كثيراً واصبحت المراكز والمستشفيات الصحية اماكن لاستعراض الاناقة والازياء، ولاشك ان هذا الامر يأتي دائما على حساب العمل والانتاج والعطاء، وبما ان هذه الضوابط تحتاج الى ستة اشهر للتطبيق كما جاء في الخبر، فإنني سأتناول بالنقاش احد الضوابط المقررة وتحديداً الضابط رقم (2) من الضوابط العامة والذي ينص على ما يلي "يجب تغطية شعر الرأس كاملاً بغطاء غير شفاف ولا مزخرف مع ارتداء الحجاب الشرعي للمسلمات" وإذا كان الجزء الأول من هذا الضابط واضحاً وصريحاً ومفهوماً فإن الجزء الأخير منه جاء ضبابياً واعني به الجزء الذي يقول بأن على المسلمات ارتداء الحجاب الشرعي.. والسؤال ما هو الحجاب الشرعي الذي تعتمده وزارة الصحة.. هل هو الحجاب الذي يقول بتغطية وجه المرأة أم الذي يقول بتغطية رأسها فحسب؟ ان من المهم تحديد الحجاب المطلوب وكم اتمنى ان تأخذ الوزارة بالرأي الذي يذهب الى تغطية الرأس فقط ذلك ان كثيراً من النقابات التي تلبسها العاملات في المستشفيات تحمل من الفتنة والجاذبية ما هو اكثر من بنطلون الجينز والملابس الضيقة ناهيك عن بعض المتنقبات اللاتي يتنقبن بطريقة غريبة بحيث لا يكاد يظهر من عينيها سوى البؤبؤ وهو نقاب يثير الريبة ويحول دون قدرة العاملة على العطاء والانجاز والاتقان، ان على وزارة الصحة ان تمنع منعاً باتاً جميع العاملات من التنقب وعليها ان توضح لهن الاحكام الشرعية التي تقول بجواز كشف المرأة لوجهها بل ان بعضاً من العلماء وطلبة العلم يذهبون الى القول بأن الاصل هو عدم غطاء الوجه.. ان طريقة التنقب التي ترتديها الكثير من العاملات في المستشفيات تتعارض مع المهام الوظيفية للعاملات بالقطاع الصحي التي تعتمد على الاعمال الخدمية من تمريض واشعة وتحليل ونحوها.. وهي مهن تحتاج الى كثير من التركيز والاتقان وهي عوامل لا يمكن تحقيقها مع وجود النقاب.. ان رسولنا وحبيبنا المصطفى عليه الصلاة والسلام كما ورد عنه في الاثر الشريف ما خير بين امرين الا اختار ايسرهما وكم اعجب من بعض العلماء والمجتهدين الذين لا يكتفون فقط بتبني آرائهم واجتهاداتهم الفقهية فحسب وانما يعملون جاهدين على تغييب واخفاء الآثار والاقوال الدالة على الجواز والاباحة وهم لا يفعلون ذلك مع آراء بعض العلماء والمجتهدين فحسب وانما يتجاوزون الى تغييب احاديث نبوية شريفة وهذه لعمري مصيبة اذ كيف يجرؤ مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر الى اخفاء ما شرعه الله.. ان التيسير على الناس في اعمالهم ومعيشتهم احد خصائص ديننا العظيم الذي انزله الله للبشرية جمعاء.. ومن هنا فإن على علمائنا وطلبة العلم الشرعي المجتهدين ان يتنافسوا في توضيح جوانب التيسير والاباحة في ديننا العظيم وان يوضحوا للناس سماحة ديننا وان الخلاف بين العلماء انما هو رحمة بالعباد.. ومن هنا فإنني اوجه نداء عاجلاً الى وزارة الصحة بتبني الرأي الفقهي القائل بجواز كشف وجه المرأة واعتماده ضمن الضوابط المنظمة للزي الموحد المزمع تطبيقه بحيث تصبح مستشفياتنا ومراكزنا الصحية بيئة صحية للعمل والانتاج وليس للاناقة وعرض الازياء. ان طبيعة ونوعية المهن الطبية المساعدة من تمريض وتحليل واشعة ونحوها تحتاج من صاحبها الى درجة كبيرة من التركيز والحرص على الاتقان والعمل على التجويد والاداء بشكل دقيق، فهذه المهم لها علاقة بصحة الإنسان وحالته النفسية وهو ما يقتضي ان يكون صاحب هذه المهنة على درجة كبيرة من التهيؤ والجاهزية واعتقد ان الجميع يشاركني الرأي على ان اقتصار العاملات في هذه المهن على الحجاب المغطي لشعورهن وعدم وضع مساحيق الزينة والتجميل على وجوههن هو الوضع المناسب لكي تؤدي العاملة دورها وواجباتها ومسؤولياتها على اكمل وجه واحسن حال كما امرنا الرسول الكريم عليه السلام بقوله (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) ولاشك أن من الاتقان ارتداء العامل الزي المناسب المتماشي مع تعاليم ديننا الحنيف، ومادام ان كثيراً من العلماء المتقدمين والمتأخرين يرون بأن الحجاب الشرعي هو غطاء الرأس دون الوجه كما دلت بذلك الآثار الكثيرة فإن علينا ان نعمل على اقرار زي موحد في مواقع العمل يقوم على الاعتدال ويأخذ بالآراء المناسبة لطبيعة المهن ومقتضيات الوظائف، والله من وراء القصد.