أكد مجلس الشورى ضرورة مراجعة اشتراطات مرافق الإيواء السياحي، للحدِّ من تسرب الاستثمار في هذا القطاع، وتطوير مميزات التأشيرة السياحية بمستوياتٍ تنافس المميزات التي تقدمها الدول الأخرى، وطالب وزارة السياحة بالتوسع في قائمة الدول المؤهلة للحصول عليها، داعياً الوزارة إلى دراسة جدوى استحداث مكاتب وفروع بالمناطق لمباشرة أعمالها والقيام بأدوارها على الوجه الأمثل، وبما يتوافق مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للسياحة.

وشددت قرارات الشورى على الإسراع بمعالجة مشكلة تأخر إصدار وتجديد التراخيص متعددة الأطراف المرتبطة بجهات حكومية أخرى وفق ما جاء في نظامها، وهي توصية إضافية مقدمة من عضو المجلس الأستاذ فضل البوعينين تبنتها اللجنة، وأكد المجلس في قراره على الوزارة التعاون مع الجهات ذات العلاقة لمراجعة وتطوير السياسات والإجراءات اللازمة التي تضمن السلامة والأمان للمرافق والمنشآت والأنشطة السياحية والمستفيدين منها والعاملين فيها، بما يحقق الأمن السياحي في المملكة بمفهومه الشامل، وهي توصية إضافية مقدمة من عضو المجلس سعد العتيبي تبنتها لجنة الثقافة والرياضة والسياحة.

الائتمان الكربوني

وناقش المجلس خلال جلسته التاسعة التي عقدها أمس الأربعاء برئاسة الدكتور عبدالله آل الشيخ تقريرًا مقدماً من اللجنة المالية والاقتصادية بشأن التقرير السنوي لصندوق التنمية الوطني للعام المالي 42 - 1443، وبعد طرح تقرير اللجنة وتوصياتها للمناقشة طالبت عضو مجلس الشورى رائدة أبونيان الصندوق بتحفيز الصناديق التابعة له على اعتماد مؤشرات الحوكمة البيئية والاجتماعية بما فيها الائتمان الكربوني عند تقييمها لطلبات التمويل.

وحث العضو سعد العتيبي الصندوق على الاستفادة من تجربة الصندوق في التدخل التمويلي أثناء جائحة كورونا، بإنشاء مركز متخصص في الصندوق، يعنى بالتدخل التمويلي المبكر، داعيًا الصندوق إلى أن تكون سياساته في دعم وتمويل الفئات الأكثر احتياجا ذات أولوية، ووفق برامج مبتكرة، تعزز التمويل الرقمي، وأكد الدكتور سلطان آل فارح أهمية تدقيق المصطلحات المالية وإخراجها بعناية؛ نظرًا لأهمية الصندوق وموقعه الاقتصادي، مشدداً على ضرورة ارتباط إدارة المراجعة الداخلية في الصندوق بمجلس الإدارة في ظل تفعيل الحوكمة.

تراخيص الاستشارات الإدارية

وفي شأنٍ آخر، أعاد المجلس ما يتعلق بنقل اختصاصات إصدار تراخيص مهنة الاستشارات الإدارية من وزارة التجارة إلى معهد الإدارة العامة، إلى لجنة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وذلك لمزيد من الدراسة والعودة في جلسةٍ قادمة بعد أن رفض الأعضاء توصية اللجنة بهذا الخصوص.

وكما نشرت "الرياض" بوقت سابق لم يحظَ مقترح نقل اختصاص إصدار تراخيص مهنة الاستشارات الإدارية من وزارة التجارة إلى معهد الإدارة بتأييد مطلق من أعضاء الشورى الذين داخلوا أثناء مناقشة المجلس تقرير لجنة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، ويرى الدكتور هشام الفارس أن إسناد ترخيص مهنة الاستشارات الإدارية إلى إحدى المؤسسات التعليمية إجراءٌ غيرُ متعارفٍ عليه، ولا يتفق مع الممارسات العالمية، وأشار إلى أنه بحث في إجراءات عدد من دول المنطقة والعالم فلم يجد له شبيها على الإطلاق، مؤكداً أن هناك جهات حكومية أخرى لها باعٌ طويل في الاستشارات الإدارية، وهي الجامعات السعودية التي لا تقل كفاءة عن المعهد، فلماذا يختص المعهد بهذه الصلاحية؟

ويرى الفارس أن المقترح يسبب تضاربا في المصالح وخللا في الحوكمة، لأن معهد الإدارة سيقوم بتقييم طالبي التراخيص من خريجيه، وقال إنه لا يمكن تبرير هذا المقترح بمقارنته بترخيص المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني (سابقا) للمنشآت التدريبية، لكون المؤسسة هي الجهة الحكومية الوحيدة المختصة بهذا المجال، ولأنها تمنح تراخيص للمؤسسات وليس للأفراد، إضافة إلى أن التناقض بين المقترح وبين الأنظمة القائمة كبير، ولهذا يتطلبُ تغييرَ ثلاثِ موادٍ من نظام معهد الإدارة العامة.

ولفت الدكتور الفارس إلى أن تقرير المقترح لا يذكر وجود حاجة ضرورية أو عاجلة لنقل صلاحية إصدار التراخيص إلى معهد الإدارة، ولا حتى أي فائدة لذلك، كما أن نقل صلاحية التراخيص من وزارة التجارة لا بد منه، فالمفروض أن تنقلَ إلى هيئة مهنية مستقلة ومحايدة، على غرار الهيئة السعودية للمهندسين، ولكنها تكون مختصة بالاستشارات الإدارية، وطالب الفارس لجنة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في الشورى بإعادة النظر في توصيتها وقال: باختصار فهذا المقترح لا فائدة منه وتحف به المشكلات، وهو يماثل إسناد تراخيص الاستشارات الهندسية إلى إحدى الجامعات بدلا من إسنادها إلى الهيئة السعودية للمهندسين.

ويقول الدكتور سلطان آل فارح في حال الموافقة على هذا الطلب فان الحوكمة لم تعد موجودة وهي أحد متطلبات رؤية المملكة، ولكن حتى يتسق طلب نقل التصاريح إلى معهد الإدارة لدينا أحد خيارين إما يلغى تقديم المعهد للاستشارات الإدارية أو يلغى هذا القرار حتى لا يكون هناك تعارض مصالح وإلغاء مبدأ الحوكمة، وتساءل آل فارح كيف لو تقدمت إحدى الجامعات بهذا الطلب ولديها العمل الأكاديمي كما للمعهد..؟ إضافة إلى أن التعديل يتطلب فقط منح صلاحية الترخيص للمعهد بينما تم إغفال ما بعد ذلك من المتابعة والعقوبات وخلاف ذلك.

خطوة إيجابية

وأيًّد الدكتور فارس العصيمي مقترح نقل اختصاص إصدار تراخيص مهنة الاستشارات الإدارية من وزارة التجارة إلى معهد الإدارة، ويراها خطوة إيجابية، متمنياً أن تكتمل بوجود نظام خاص بالاستشارات الإدارية، لأن الإشكالية القائمة اليوم لا تكمن في منح الترخيص فقط بل في مزاولة النشاط بشكل عام، وما يتطلبه واقع الحال من ضبط أكبر لإحكام عمل الاستشارات (قبل وخلال وبعد) تقديم الاستشارة، ويرى العصيمي أنه قد يكون من المناسب إعطاء مجلس الإدارة الحق في ضبط المخالفات وتحديدها، وتحديد الجزاءات المترتبة عليها، ووضع الآلية المناسبة لذلك، فالوضع الراهن فيما يتعلق بالمخالفات والجزاءات هو وفق ما حددته "قواعد تنظيم المهن الحرة" وتحديداً بالمواد الثامنة، والسادسة عشرة، والسابعة عشرة، وهذا الوضع لن يتغير بالتعديل الحالي حتى مع إسناد إصدار تراخيص الاستشارات الإدارية لمعهد الإدارة.

نظام معهد الادارة

ولم يتفق الدكتور محمد الجرباء مع توصيات لجنة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بشأن تعديل نظام معهد الإدارة العامة ليتولى إصدار تراخيص الاستشارات الإدارية، وعلل ذلك بأن المادة الثانية من نظام المعهد نصت على أنه جهة مركزية للتدريب والتطوير والاستشارات في المجالات الإدارية للأجهزة الحكومية ويجوز للمعهد تقديم الخدمات التدريبية والاستشارات البحثية وأي خدمة علمية أخرى لغير الجهات الحكومية وللجهات الحكومية في بعض الحالات بمقابل مالي، فهذا التعديل المقترح يتعارض مع اختصاصات المعهد الواردة في المادة الثانية من نظامه، علاوة على أن هذا التعديل فيه تعارض مصالح واضحة فكيف يرخص المعهد للآخرين من تقديم الاستشارات الإدارية وهو في ذات الوقت يقوم بهذه المهنة، وحول ما أشارت إليه لجنة الموارد البشرية من وجود جهات إدارية ترخص فيرى الجرباء أن هناك فرقا جوهريا لأن هذه الجهات لا تقوم بالدور الفعلي، إضافة إلى أن هذا التعديل من الناحية القانونية ناقص فلم يعالج الإشكالات التي تظهر من التطبيق وبما ينص مع نظام المعهد.

د. عبدالله آل الشيخ
سعد العتيبي
د. محمد الجرباء