نشرت وزارة المالية الأسبوع الماضي البيان التمهيدي للميزانية السعودية للعام 2023 وكذلك تقديرات الموازنة للأعوام 2024 و2025 وتكمن أهمية إعلان البيان التمهيدي قبل ثلاثة أشهر من بداية العام المالي الجديد في تمكين القطاعات الاقتصادية والمهتمين والمحللين من الاطلاع على أهم التطورات الاقتصادية المحلية والدولية التي تؤثر على إعداد ميزانية العام المقبل وما بعده، وهذا وقت كافٍ لبناء استراتيجيات الشركات على المدى القصير والمتوسط لتتماشى مع حجم الإنفاق المقدر.

البيان التمهيدي لميزانية 2023 وضع ثلاثة سيناريوهات للإيرادات

أيضا إبلاغ الجهات الحكومية بالمخصصات المالية التقديرية والبدء في طرح المناقصات والعقود التشغيلية، لكي لا يحدث أي تأخير في طرح المشاريع عن بداية العام، ودائما ما نجد أن الميزانيات السابقة يتفاوت فيها حجم الإنفاق بين البيانات الربعية، حيث تنخفض في الربع الأول وتزيد في الربع الأخير، وهذا قد يفرز توقعات غير صحيحة في الدراسات التحليلية، حيث يتوقع المحللون بعد نهاية النصف الأول تقديرات للفوائض أو العجوزات وعند إعلان البيان الختامي للميزانية نجد أن البيانات الفعلية تختلف عن توقعات المحللين بسبب أن التوقعات بُنيت على نتائج مرحلية قل فيها الإنفاق، مع التطوير المستمر في إعداد الموازنات نتوقع مستقبلا ضبط الإنفاق بناء على المستهدفات الربع سنوية وهذا بلا شك جيد للدراسات الاقتصادية؛ لأن توافق توقعات المحللين إلى حد ما مع البيانات الفعلية مهم للاقتصاد، قد تحدث متغيرات خلال العام بزيادة الإنفاق، كما حدث عندما قامت الحكومة خلال العام الحالي بزيادة الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية للتخفيف من أثر التضخم على المواطنين، البيان التمهيدي لميزانية 2023 وضع ثلاثة سيناريوهات للإيرادات، ســيناريو أساســي يســتند علــى التطــورات العالميــة والمحليــة، وهــو المســتخدم لتقديــر الإيــرادات فــي الميزانيــة، وسيناريو يأخذ في الاعتبار تحقق إيرادات بمستويات أقل من السيناريو الأساسي، والسيناريو الثالث يأخذ في الاعتبار تحقيق إيرادات بمستويات أعلى من السيناريو الأساسي،

تقديرات المالية السعودية للإنفاق على المدى المتوسط تحفز الاقتصاد

من البيانات المهمة في البيان التمهيدي أنه وضع تقديرات لنمو الناتج المحلي للسنوات الثلاثة المقبلة وإن كانت معدلات النمو المقدرة جيدة إلا أنها متحفظة، حيث إن توقعات المحللين أعلى من التقديرات الحكومية ولكن تحفظ الحكومة مبرر لأنها لو قدرت نسبة نمو وجاءت الأرقام الفعلية أقل من ذلك فهذا بلا شك غير جيد للاقتصاد ولكن إن جاءت البيانات الفعلية أعلى من تقديرات الحكومة سوف يكون لها أثر إيجابي على المستثمرين والأسواق، الأرقام الأخرى التي لا تقل أهمية عن الناتج المحلي هي أرقام التضخم وكما هو معلوم أن أثر التضخم على الاقتصادات كبير لأن ارتفاعه يعني تضاعف قيمة فاتورة الواردات وضعف القوة الشرائية لدى المستهلكين، وتقديرات مستويات التضخم في الاقتصاد السعودي للثلاث سنوات المقبلة حسب البيان التمهيدي جيدة ومبشرة بأن الحكومة قادرة على خفض نسبة التضخم من 3.1 % المحقق فعليا في عام 2021 إلى 2 % في عام 2025 وهذا يعني بالضرورة أن الحكومة سوف تلتزم بعدم فرض أي رسوم إضافية أو ضرائب جديدة مع بقاء الحد الأعلى لأسعار الطاقة دون تغيير على المدى المتوسط وهذه التقديرات لها أثر إيجابي على الاقتصاد وقطاع الأعمال والمشاريع. الاقتصاد السعودي منذ إطلاق رؤية 2030 بدأ فعليا في التحول من اقتصاد ريعي يعتمد على الإنفاق الحكومي إلى اقتصاد قائم على الإنتاج مما يزيد من ثروة الوطن الحقيقة وتنوع مصادر اقتصادها وتحقيق التنمية الحقيقة المستدامة، صندوق الاستثمارات العامة أصبح الآن هو الممكن الفعلي للاقتصاد السعودي من خلال استثماراته في المشاريع الكبرى التي ستحقق عائدات مالية كبيرة وتوفر فرصا وظيفية للمواطنين وعند الانتهاء من هذه المشاريع سوف ترتفع قيمة الأصول التي يمتلكها الصندوق من صفر قبل بداية التطوير إلى تريليونات الريالات بعد الانتهاء الكامل من هذه المشاريع مما يرفع مرتبة الصندوق إلى المركز الأول بين الصناديق السيادية في العالم، وهذه القيمة التي سوف يكتسبها الصندوق ستجعل منه أهم المؤثرين في الاقتصاد العالمي، كذلك تفعيل الشراكة بين الحكومة والشركات الكبرى لتقديم الدعم عبر عدد من الركائز تشمل التعاون المالي والنقدي والتشغيلي والتنظيمي واستثمار الأصول، من خلال برنامج استثمارات الشركات الكبرى "شريك" وتعزيز تنمية ومرونة الاقتصاد السعودي عبر زيادة الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير فرص العمل وتنويع الاقتصاد، بالإضافة إلى إطلاق استثمارات القطاع الخاص والاستثمارات المتراكمة عبر كل محاور الاقتصاد الوطني، لتبلغ 5 تريليونات ريال بحلول عام 2030، وإضافة ما يصل إلى 2 تريليون ريال للناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، كما سيساعد البرنامج بصفته أداة تمكين استراتيجية، في تسريع الخطط الاستثمارية للشركات الكبرى.