يستهدف الثوريون على مر العقود فئة ديموغرافية ويلقنونهم الاعتقاد بأنهم مهمشون ومضطهدون؛ ليستخدموهم في زرع بذور السخط من خلال المواجهة والفوضى، والقتال ضد الظالم المشترك تحت ستار النضال من أجل العدالة والمساواة.
ويتمتع بعد ذلك قادة الثورات بالأموال والمكاسب التي نتجت عن ذلك التحرك وتلك الثورة! وفي المقابل لا شيء يتغير بالنسبة لـ"الأشخاص المتضررين" المزعومين. أخيرًا، يعيش المظلومون في نفس الوضع كما كان من قبل، فقط مع مستغلين جدد!
هذا ما حدث موخرا مع حركة "حياة السود مهمة" في أميركا! هذه الحركة التي لم تخرج عن ذات الأُطر المعروفة لدى الثوريين (استخدام المواقف المأساوية للتلاعب بالأشخاص المتعاطفين وتمويل أنماط الحياة الفاخرة لقيادة المجموعة) فبعد قيادة الغضب في عام 2020 إثر مقتل "جورج فلويد" وجمع عشرات الملايين من الدولارات من التبرعات، قامت المجموعة مرارًا وتكرارًا باستخدام هذه الأموال في النفقات الشخصية بدلاً من تحقيق العدالة الاجتماعية التي زعمت المجموعة أنها تدعمها.
وبعد تقارير متعددة -فيما سبق من هذا العام- عن اختلاس قيادات حركة "حياة السود مهمة" التبرعات لشراء القصور، تم توجيه اتهام لقائد الحركة الأسبوع الماضي بسرقة أكثر من عشرة ملايين دولار من مساهماتها الخيرية!.
وفي ذات السياق تتهم دعوى قضائية تم رفعها يوم الخميس في المحكمة العليا في لوس أنجلوس ضد شلومية باورز -سكرتير مجلس الإدارة- بـ"اختلاس أكثر من مليوني دولار لصالح شركة (باورز للاستشارات)".
ودعوى قضائية أخرى تشير إلى دفع 840 ألف دولار مقابل "خدمات الأمن الاحترافية" لشركة "كولورز بروتيكشن ذ م م" المملوكة لشقيق باتريس كولورس -مؤسسة مشارك لحركة حياة السود مهمة-.
هذه الحركة جمعت أكثر من 79.6 مليون دولار من الإيرادات خلال السنة الضريبية التي غطاها الإقرار الضريبي وأبلغت عن ما يقرب من 37.7 مليون دولار في النفقات، مما ترك حوالي 41.9 مليون دولار في صافي الأصول، وفقًا للإيداع الضريبي.
وأجد من المناسب في هذا المقام وهذا المشهد المشوه أن أستشهد برأي المفكر الأميركي توماس سويل صاحب البشرة السوداء الذي نشأ فقيرًا ويتيمًا مع والدته وأربعة إخوة، وشق طريقة نحو النجاح حتى أصبح عالمًا اقتصاديًّا ومنظرًا اجتماعيًّا في جامعة هارفرد، حيث قال: "الثورات وسيلة يشعر بها الأشخاص غير المجديين بأهميتهم، حتى لو كانت عواقب نشاطهم ذات نتائج عكسية بالنسبة لأولئك الذين يزعمون أنهم يساعدون، وبالنهاية يضرون بنسيج المجتمع ككل؛ لتحقيق مكاسب شخصية".
ونختم حديثنا بما قاله سويل كذلك في مجال العدالة الاجتماعية التي تطالب بها "حياة السود مهمة": "إذا لم تتمكن من تحقيق المساواة في الأداء بين الأشخاص المولودين لنفس الوالدين وترعرعوا تحت سقف واحد، فما مدى واقعية توقع تحقيق ذلك عبر الانقسامات الاجتماعية الأوسع والأعمق؟!.
التعليقات