ارتفع معدل قيمة الصادرات السعودية غير البترولية إلى 52 % من إجمالي قيمة الواردات، وهذا التطور المذهل نتيجة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتصدير التي تنطلق من رؤية المملكة 2030 ولعل الأرقام تعطينا صورة واضحة لحجم الجهد المبذول والنجاح الذي حققته برامج دعم الصادرات في فترة وجيزة، حيث كانت نسبة الصادرات غير البترولية إلى الواردات في عام 2015 قبل إطلاق الرؤية لا تزيد على 28 % وفي السنوات التالية نمت قيم الصادرات وارتفعت المعدلات بالرغم من الزيادة المضطردة في حجم وقيم الواردات، وإذا نجحت الحكومة السعودية في المحافظة على معدلات النمو بوتيرة مشابهة للسنوات الماضية فإن معدل الصادرات غير البترولية إلى الواردات سوف يصل إلى معدل 70 % مع نهاية عام 2030 وقد يحقق نقطة التعادل قبل عام 2040 وإن حصل ذلك سيكون أعظم إنجازات رؤية المملكة 2030 لأن نمو الصادرات غير البترولية تعني أن الاقتصاد السعودي سيحظى بمزيد من الاستقرار والنمو ويتخلص من التبعات السلبية الناجمة عن تقلبات أسعار النفط وتذبذب إيرادات الدولة المالية والتي تؤثر على الخطط الاستراتيجية، كما أن المشاريع الحيوية التي تعول عليها الدولة في بناء اقتصاد قوي ومتين قد تتعطل لسنوات، ما سبق هو مجرد تحليل للأرقام وتنبؤ بما قد يتحقق في المستقبل، ولكي تكون الصورة أكثر دقة علينا الدخول في عمق البرامج والخطط التي وضعتها الحكومة من أجل دعم الصادرات والوصول إلى الأرقام المستهدفة خلال الأعوام المقبلة.

هيئة تنمية الصادرات السعودية هي الجهة التي أنشأتها الدولة من أجل مساعدة المصدرين لزيادة الصادرات وتذليل العقبات وتقديم كافة أنواع الدعم التي يحتاجها المصدرون ومساعدتهم على الانفتاح على الأسواق العالمية، وتحسين كفاءة بيئة التصدير وتقديم الحوافز للمصدرين، وتشجيع المنتجات السعودية في الأسواق الدولية، وتحقيق ميزتين مهمتين "الجودة والأسعار التنافسية" كما أن الحكومة وضعت للهيئة أهداف محددة وبرامج تنفيذية للتأكد من قدرتها على سرعة الاستجابة ومواكبة المتغيرات العالمية وضمان عدم تأثر نمو الصادرات بالأزمات، الصناعة وهي أحد أهم المرتكزات التي يقوم عليها التصدير تم التركيز عليها كأحد مصادر تنمية الناتج المحلي وخلق فرص وظيفية وجذب الاستثمارات الأجنبية، ولذلك شهدت خلال السنوات الماضية نموا يفوق التوقعات وزيادة ضخمة في أعداد المصانع الجديدة التي تم الترخيص لها والكثير منها بدأ العمل فعليا وهذا يؤكد بأن الصناعيين وجدوا بيئة محفزة ودعما ماليا ولوجستيا دفعهم لأخد المخاطر الاستثمارية التي عادة ما ترتفع في الصناعة، وساهم الدعم الحكومي سواء للطاقة أو اللقيم الذي يدخل في إنتاج الصناعات البتروكيميائية في منح المنتج السعودي أفضلية تنافسية في الأسواق العالمية والأرقام التي سجلتها مبيعات كافة الشركات البتروكيميائية تؤكد ذلك، المصدرون السعوديون كانوا يعانون من عدم قدرتهم على الوصول إلى الأسواق العالمية لأن ذلك يتطلب إمكانات كبيرة تفوق قدراتهم المادية والبشرية والآن أصبحت هيئة تنمية الصادرات هي المعنية بذلك من خلال إقامة المعارض الدولية والبعثات التجارية التي تغطي معظم الدول المستهدفة بالصادرات السعودية، أيضا تم إنشاء بنك الاستيراد والتصدير والذي تكمن أهميته، في أن مستوردي المنتجات السعودية يحتاجون إلى فترة سداد قد تصل إلى ستة أشهر وإمكانية تأجيل السداد قد يصعب على الكثير من المصدرين، ولكن مع دعم بنك التصدير فإن المصدرين يحصلون على قيمة صادراتهم مباشرة ويقوم البنك نيابة عنهم بتأجيل الدفع للمستورد حسب المدد المتفق عليها، وغيرها من البرامج المتعددة التي يقوم بها البنك من أجل دعم الصادرات منها دعم استيراد مدخلات الإنتاج للمصانع المحلية لتمكينها من زيادة الإنتاج ورفع القيمة المضافة للناتج المحلي، كما أن البنك يقوم بدعم رأس المال العامل للمصانع التي تحتاج ذلك، وزارة النقل والخدمات اللوجستية تقع على عاتقها تذليل الصعوبات وتوفير الطرق والسكك الحديدة وتهيئة المواني من أجل بناء منظومة متكاملة ومناطق لوجستية متطورة تساهم في وصول الصادرات السعودية إلى وجهاتها في أسرع وقت ممكن وكذلك تهيئة مناطق حرة لإعادة التصدير، أما التعدين والذي يعتبر من مصادر الثروة الجديدة في المملكة والمعول عليه في تنمية الصادرات السعودية فقد فتح المجال أمام الشركات المحلية والدولية للتنقيب عن هذه الثروات واستخراجها والتي تقدر بأكثر من 5 تريليونات ريال.

بالتأكيد لم تذلل كافة الصعوبات وما زالت هنالك العديد من الملاحظات ومنها عدم توفير مواقع للمصانع الجديدة لأن تطوير المدن الصناعية لا يتواكب مع زيادة طلب المصانع ولكن ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية في الصناعة يعطينا أملا في أن الوزارة وهيئة المدن الصناعية قادرتان على حل المشكلات وتوفر كل الاحتياجات التي تتطلبها الصناعة، وما زال الأمل في تطوير الصناعة السعودية للوصول الى صناعات نوعية ومبتكرة.