اغتيال الصحفيين أو استهدافهم خلال المعارك ليس حدثاً جديداً في العالم، وقد نجده في المعارك والحروب من خلال وجودهم فيها قدراً خطراً ارتضوا أن يكونوا فيه، ليكون استهدافهم أو رميهم خطأ من ضمن التوقعات القائمة.
ومع ذلك إلا أن مقتل الزميلة الفلسطينية شيرين أبو عاقلة وهي تُغطي مواجهات بين الفلسطينيين والمحتل الإسرائيلي كان مؤلماً جداً، من حيث أن الإنسانية تصبح رخيصة في فكر من حمل السلاح وأراد إرغام الآخر على قبول جبروته.. لذا نؤمن بأن مثل ذلك لن يتوقف ما دام أن هناك من لا يرتدع، خاصة الصهيوني الذي يجد دم العربي رخيصاً لينتهكه ما دام ليس هناك من سيحاسبه!
مقتل الزميلة يجرنا إلى قراءة الأحداث الخاصة بمعاناة الصحفيين من خلال منظار أكبر، فهم لا يجدونها في الحروب فقط بل إن الخطر يغشاهم أكثر في بلدانهم، ولنكن أكثر وضوحاً، فبعض البلدان العربية تتصدر المشهد العالمي في اغتيالات الصحفيين وسجنهم، بل إنهم عرفوا القهر كثيراً خاصة لمن كتب الله عليهم أن يكونوا معنيين بأنظمة أو ميليشيات تريد أن تفرض الأمر الواقع، لذا كثرت حالات القتل والاضطهاد في إيران ولبنان وسورية واليمن، فهناك يُقتلون بدم بارد، ويُلاحقون ليقبعوا في السجون، لتكون هذه المهنة من فئة الأشد خطراً مع تزايد حالات الرقابة الذاتية التي تمارسها المؤسسات الإعلامية وصحافيوها على أنفسهم، وتجنبهم الاقتراب من انتقاد أصحاب الشأن المُخيف.
ولم تتم معاقبة القتلة من أيام سليم اللوزي مروراً بجبران وقصير، وإعلاميي سورية والعراق الذين تم اقتناصهم ولم يجرؤ أحد على محاسبة الفاعل. والفعل الساقط تجاه الصحفيين شأن تشارك أفكاره القتلة مع سيدتهم إيران التي لا تنفك باستمرار إلا وتكشف المنظمات الدولية قتلها أو سجنها لأعداد غير قليلة، بل إنها في فترات تجاهر بذلك كما فعلت في ديسمبر 2020 تجاه الصحفي روح الله زم الذي أعدمته شنقاً، ليس إلا أنه مدوّن ينتقد السلطة!
المهم في القول: إن مسألة استهداف الصحفيين مستمرة، فلا يأمنون على حياتهم، ويتجنبون كثيراً من التغطيات بل يتحاشون التحقيقات الصحفية لكشف الحقائق خوفاً من فقدان حياتهم، حيث استخدمت التنظيمات الإرهابية أبشع الطرق لإيقاف صوتهم، ومع هذا فلن تنفع وثيقة ما يسمى "خطة الأمم المتحدة بشأن سلامة الصحفيين" التي وضعتها اليونسكو بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان في العام 2012، لأنها في منظور الأنظمة الإرهابية في إيران وأتباعها ليست إلا حبراً على ورق، لأنهم واثقون في ظل النظام العالمي المُتردي بأنه لن تتم ملاحقتهم أو معاقبتهم.
التعليقات