في الوقت الذي تخطو فيه المواطنة السعودية خطوات تاريخية مشرفة تتناسب مع ثقافة المجتمع ومتغيرات العصر ومخرجاته ومراحله المختلفة، وبدعم القيادة الرشيدة وولاة الأمر منذ تأسيس المملكة التي أولت الرعاية لكل ما من شأنه دفع عجلة التنمية الوطنية على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بدءًا من منحها حق التعليم وصولًا إلى تقليدها المناصب العليا، حتى أصبحت المرأة السعودية اليوم محط أنظار العالم للحديث عنها في منح الثقة الملكية الكاملة وأنها على قدر المسؤولية تسهم في تفعيل دورها بصفتها مواطنة شريكة في بناء الوطن وأجهزته المختلفة.
الأمم المتحدة تُثمّن جهود المملكة في تمكين المرأة وإقرار الإصلاحات
في الجانب الآخر نجد أيادي خفية تفتعل الكذب وتخفي الحقيقة بغية تحقيق أهدافها المسمومة، إلاّ أن تلك الأكاذيب ما تستمر طويلاً لتكشف عن زيفها من خلال ما ينشر في الإعلام الرسمي من حقائق وما تؤكد البيانات الرسمية والنجاحات اليومية التي تحققها المرأة السعودية محلياً وعالمياً، وكان الأبرز على الساحة ما أطلق في تويتر «هاشتاق» تحت عنوان: «معتقلات المنازل»، والذي هدف إلى المطالبة بمزيد من الحرية للنساء بالمملكة، وبإسقاط ما وصفه مطلقوه بنظام ولاية الرجل، ومنح النساء حقهن في التنقل والاستقلال وامتلاك القرار.
دعم المرأة بالتأهيل وإتاحة الفرص جعلاها شريكاً فاعلاً في بناء الوطن
ورسم معدو الهاشتاق صورة درامية، لحالة المواطنة السعودية، بوضعهن فيما وصفوه بالمعتقلات تحت الحكم الإجباري، في ظل نظام يمنع النساء من أمور أساسية كالسفر والذهاب إلى الجامعة والحصول على الرعاية الصحية إلاّ بإذن قريب أسموه «قريب ذكر» يُعرف بولي الأمر، وقد ورد في الهاشتاق على لسان إحدى المشاركات: «أشعر بالاختناق، أُفضّل أن أقتل نفسي على أن أعيش هذه الحياة»، وقالت أخرى: «أشعر بأن يدي مقيدتان بالأصفاد»، ويشكّل الهاشتاق مثالًا على تركيز تلك المنظمات الخفية، على صناعة المحتوى الإعلامي الهادف إلى التفكيك الأسري من خلال إسقاط ولاية الرجل على المرأة.
عدم مصداقية
وفي الوقت الذي يلقى دعم الحركة النسائية في المملكة ترحيبًا بشكل واضح، رسمت العديد من الأصوات الخفية المنظمة لتلك الحملات الخفية، صورة غير كاملة للحوار المتعلق بولاية الرجال في المملكة، وأعطت صورة غير حقيقية لما تحظى به المرأة في المملكة من مكانة في السلم الاجتماعي،
ويركز المشاركون في الهاشتاق على أحد مواقع التواصل على جانب واحد فقط من القصة: أي نظرة النساء اللواتي يعترضن على نظام الولاية «ولاية الرجل للمرأة»، ويشكل عدد كبير من المحتوى المنشور من القصص الدرامية، والاعترافات، والاقتراحات، والمطالبات نسبة كبيرة من عدم المصداقية، من خلال نسخ المشاركين في كتابة المحتوى لقصص لا تصور واقع المرأة السعودية اليوم، ولا تستند لبيانات رسمية من جهات رسمية معترف بها، أو دراسات علمية مثبتة، ويخفي المشاركون في صناعة محتوى «معتقلات المنازل» البيانات الرسمية، وما يعكس ما تحظى به المرأة السعودية من مكانة اجتماعية مرموقة، وما تملكه من صلاحيات تتيح لها التنقل، والعمل، بحرية تامة.
ويلحظ المحللون للمحتوى المنشور أن حملة «معتقلات المنازل» يديرها ويكتب محتواها منظمات خارجية توظف متآمرين أجانب، يهدفون إلى تفكيك المجتمع السعودي؛ من خلال حملة إسقاط الولاية، بدعوتها للمطالبة بالحرية، والخروج والتخلص مما وصفوه بالأعباء الأسرية، والتغلب على الحواجز الاجتماعية، التي تمنع إلغاء الولاية، والتركيز على الاستشهاد بحالات فردية، لا تشكل ظاهرة اجتماعية، ولا تصور الحقيقة التي تعيشها المرأة السعودية.
خطوات مشرفة
وما تم تجاهله في وسم «معتقلات المنازل» هو واقع المرأة السعودية اليوم، حيث يؤكد الواقع أنها استطاعت أن تخطو خطوات تاريخية مشرّفة متناسبة مع ثقافة المجتمع ومتغيرات العصر ومخرجاته ومراحله المختلفة، بفضل من الله، ثم بدعم القيادة الرشيدة وولاة الأمر منذ تأسيس المملكة التي أولت الرعاية لكل ما من شأنه دفع عجلة التنمية الوطنية على مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بدءًا من منحها حق التعليم وصولًا إلى تقليدها المناصب العليا، فأصبحت المرأة محط أنظار العالم للحديث عنها في منح الثقة الملكية الكاملة وأنها على قدر المسؤولية تسهم في تفعيل دورها بصفتها مواطنة شريكة في بناء الوطن وأجهزته على الرغم من التحديات والمعوقات، ويوصف عام 2017م بأنه عام تمكين المرأة السعودية إلاّ أن 2018م قد زاد عليه بتمكينها في أمور مستجدة منها قيادة المركبة، وتبعها إقرار قانون التحرش الذي يؤكد حرص ومتابعة القيادة على المحافظة عليها كقيمة معيارية إنسانية، وقرار ممارسة الرياضة للفتيات بالمدارس والسماح للأسر بدخول مباريات كرة القدم، وكذلك السماح للسعوديات بالمشاركة في الألعاب الأولمبية، ومنح تراخيص قيادة الطائرات للمرة الأولى في تاريخ المملكة، ثم زاد عام 2019م عليهما بأن تبوأت المرأة السعودية لأول مرة منصب «سفير» في صورة مشرقة لقدرات وكفاءة السعوديات في كل مجال، ونجد القاسم المشترك الأبرز في كل ذلك التطور الوثّاب الواثق في خطى النجاح والتميز ثمرة لقرارات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، ويتواصل سعي المملكة إلى تحقيق المزيد في طموح لا يتوقف ضمن رؤية 2030 التي تستهدف رفع نسبة مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل بنسبة 30 %، إضافةً إلى تبوئها مناصب سياسية، فضلًا عن مشاركتها الفعالة في مجلس الشورى والمجال الأمني، وتوليها المناصب العليا في قطاع التعليم، وترشيح نفسها لعضوية رئاسة البلدية، وهنا نجد أن تمكين المرأة السعودية ودعم قدراتها بالتأهيل وإتاحة الفرص جعلها شريكًا حقيقيًا فاعلًا في بناء الوطن والتنمية.
أعمال خيرية
وفي مجال الأعمال الخيرية والتطوعية، ظهرت جهود نسائية تطوعية بصورة منظمة من خلال جمعيات نسائية تطوعية تهتم بمسؤولياتها في رعاية المرأة، وتعليمها، وتثقيفها، والاهتمام بمشكلاتها، ولقد توالى إنشاء الجمعيات الخيرية النسائية في المملكة، بعضها جمعيات مستقلة، وبعضها فروع كلجان نسائية تابعة لمكاتب الإشراف النسائي التابعة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وكان أبرزها ملتقى حاضنة نورة للعطاء للعمل التطوعي السنوي الثالث التابع لجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن تحت شعار «جودة وإحسان» الذي كشف أن التطوع لدى النساء السعوديات أعلى من الرجال بنسبة 30 %، واستطاعت الحاضرات خلال الملتقى تحقيق أكبر تجمع للمتطوعات في العالم وإطلاق الرقم القياسي لدخول المملكة موسوعة غينيس بـ4995 متطوعة، وكان قد سبقه الملتقى الأول «ثبات ونماء» والثاني «نبراس نورة العطاء» الذي خرّج آلاف الطالبات الحاصلات على رخصة تطوع معتمدة.
وأخيرًا في المجال الإعلامي فقد شاركت الصحفيات السعوديات في الكثير من المحافل المحلية والدولية على سبيل الحصر المشاركة في مؤتمر الإعلاميات العربيات الخامس عشر في المملكة الأردنية الهاشمية، والندوة الثانية للصحفيات العاملات بوكالات الأنباء العربية في جمهورية تونس، إلى جانب ترؤسها الصحف الإلكترونية واللجان الإعلامية لأكبر المؤتمرات العلمية والثقافية وحصول بعضهن على جوائز لتثبت للعالم علو مكانة المرأة عند القيادة وقدرتها على تنمية مواهبها واستثمار طاقاتها بما يتناسب مع تطلعات القيادة الحكيمة.
مشروع طموح
وتقدم حكومة المملكة خدمات دعم الإسكان لكلا الجنسين مع تمكين المرأة من خلال تقديم تسهيلات لذوات الأولوية القصوى كالمطلقات والأرامل والمرأة المعيلة لأسرتها، من خلال منحهن نقاطاً إضافية تزيد من أولويتهن في الحصول على دعم الإسكان، وأيضاً شكّل نظام الحماية من الإيذاء ونظام مكافحة التحرش في المملكة سياجًا قانونيًا لحماية النساء والفتيات من جميع أشكال العنف، كما تم إنشاء «سجل وطني» لتسجيل ورصد حالات العنف ضد الأطفال والنساء في المملكة بالقطاع الصحي بهدف الخروج بإحصائيات سنوية تسهم في إعداد رؤية متكاملة لصانعي استراتيجيات الحماية في المملكة، ولضمان تطبيق آليات الحماية في جميع القطاعات المعنية، وإنشاء لجنة تعنى بالحماية الأسرية لمراقبة أداء الجهات والتنسيق بينهما للتأكد من الالتزام بالأنظمة والقوانين وجودة التطبيق وتطوير حملات إعلامية في هذا الشأن وذلك صيانةً لخصوصية الفرد وكرامته وحريته الشخصية.
وحظيت المرأة في المملكة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- بالكثير من القرارات الملكية والأوامر السامية منها ما كان متصلًا بشكل مباشر بدعم دور المرأة ومنها ما كان ضمن منظومة المؤسسات الحكومية والأهلية حتى كانت رؤية 2030 بمثابة «مشروع طموح للمرأة السعودية»، لتنوع المكاسب التي حصلت عليها التي تعكس صورة أكثر إشراقًا وما تملكه من إمكانات، بإتاحة فرص العمل في العديد من الجهات في كل جوانب التخطيط والتنفيذ لتتكامل الصورة للمرأة السعودية مع ما يقدمن من رأي وتنظيمات في عضوات مجلس الشورى من أجل المشاركة في تنمية مجتمعها، واقتصاد بلدها، وتقليل نظرة تهميش المرأة في المجتمع السعودي.
حماية وحقوق
وفي ندوة نظمتها هيئة حقوق الإنسان بالمملكة حملت عنوان: «تمكين المرأة في المملكة»، بالتعاون مع مكتب هيئة الأمم المتحدة، وبمشاركة عدد من الجهات الحكومية، وممثلي المنظمات الدولية، وسفراء العديد من الدول، ومؤسسات المجتمع المدني، والمختصين، والمهتمين، بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تم خلالها استعراض ما قامت به المملكة من أجل تعزيز حقوق المرأة والنهوض بها وفقاً لأنظمتها الوطنية والتزاماتها الدولية، والتقدم المحرز في هذا المجال، مع استعراض بعض تجارب النجاح للمرأة السعودية في مختلف المجالات.
وأكد رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر بن محمد العيبان في كلمته في حفل الافتتاح أن المملكة ماضية في مسيرة تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها في التنمية، وقال: إن مجال حماية حقوقها وتمكينها من أكثر المجالات نصيباً من الإصلاح والتطوير في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله-، مشيراً إلى أن رؤية المملكة 2030 تنظر إلى المرأة كشريك مهم وفاعل وترجمت ذلك عبر العديد من البرامج والمبادرات الوطنية التي ترفع سقف الطموح حول مشاركتها في التنمية والاقتصاد، في ظل ما حققته من تقدم ونجاحات في جميع المجالات. وأضاف: لتمكين المرأة السعودية من القيام بدورها التنموي المنوط بها، قامت الدولة بحزمة من الإصلاحات ومراجعة الأنظمة واللوائح لدعمها وتمكينها وفق ثوابتنا الدينية وقيمنا الاجتماعية، ومنهجنا الوسطي، بما يحفظ الحقوق ويحدد الواجبات، منوهاً بالتدابير التي اتخذتها المملكة لحماية حقوق المرأة وتمكينها ومن أبرزها مدونة الأحكام القضائية، وصدور الأمر السامي الذي أكد على جميع الجهات المعنية بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة ولي الأمر عند تقديم الخدمة لها أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها.
وقال: إن هناك تطوراً مهماً فيما يتعلق بالإطار المؤسسي من خلال إنشاء مجلس شؤون الأسرة وتخصيص إحدى لجانه لتتولى شؤون المرأة، وصدور نظام الحماية من الإيذاء ولائحته التنفيذية، وتخصيص مركز لتلقي بلاغات العنف الأسري كضمانة أسهمت في مكافحة العنف ضد المرأة بكافة أشكاله، وفي إطار تعزيز حرية التنقل للمرأة صدر أمر سامٍ قضى باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور ولائحته التنفيذية بما فيها إصدار رخص القيادة للذكور والإناث على حد سواء.
تقدير وتثمين
وأكدت السيدة ناتالي فوستيه -المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المملكة- على أن مَـنظـــومَــــة الأُمَـــم الـمُتَّحِــدة تُـــثَــمِّــن مـا قــامَــت بِـــهِ المَـــملَـكة في مَــجــال تَــمكـين المَرأة، كما تُـــقَــدِّرُ تَــعــاوُنَها مَــع الآلـــياتِ الـــدَولِـيَّــة فـي مَــجـــالِ حُــقــوقِ الإنـــسان بِـــصــفَــةٍ عَـــامَّـــة وفــي مَــجــــالِ حـُــقــوقِ الـــمَرأة بِــــصِفَـــــةٍ خَــاصّة. وأضافت: قَــدَّمَـت المَـــملكة مُـــؤخَّـــراً تَــقــريرَهـــا الــدَوريّ الثالِـــث أمـــام مَجـــلِــــسِ حُــقــوقِ الإنــــسان وتَــقريـــرَهـــا الــجــامِــع لِــلتَـقــريــرَيـن الــدَوريَـيــن الثـــالـِــث والـــرابِـــع أمـــام لـَـجــنَــةِ القَـــضاء عَــلى جَـمـيعِ أشـــكالِ التَـمـيـيــز ضِــدّ المَـــرأة، وتُــعـرِبُ الأمــم المُـــتَّحِـدة عَــن تَـقـديـرِهــا لِـلـرُدود الكِـتابِــيَّــة الـَّـتي تُـقَـدِّمُــها المَـملـَـكة بِـــشَــأنِ قــائِــمَــةِ القَــضايا وَالمَــسائِــل الـَّـتي تُــثـيـرُها فِـرَقُ العَـمَـل الخاصَّــة بِـالهَــيــئات الــدَولية وَبِـمَـجـلِـــسِ حُـقـــوق الإنـــــسان.
وشدّدت على أن المُــنَـظَّــمة تقدر الإصلاحــات الـتَّـشريـعِـيَّـة الـَّـتي اتّـخـذَتها المملكة في مَجــالِ تَــعـزيـزِ حُــقــوقِ الـمَرأة في السَـنوات الأخـــيرة، وعَـلى وَجـهِ الخُـصوص السَّــماحُ بِــإصـــــدارِ رخـصِ قِـــيادة السـَّـــيارات لِلـنِّــساء، والاِمـتِــناع عَــن اِشــــتِراطِ حُــصول ِالـمَرأة عَـلى إذن وَلـيِّ الأمـــر الـــذَّكَـــر لِـلِاســــتِـفادَةِ مِــن الـخِـدمـاتِ وَالإجــراءاتِ، إلّا فـي الحـالات الـَّـتي يَـــشـتَرِطـُـها القانون، بالإضافة إلى قــانون الحِــماية مِـن الإيـــذاء الــَّــذي يُـجَـرِّم العُــنف، وَتعديــل قانون الأحــوالِ المَـــدَنـيَّــة، الــَّــذي أعــطى لِــلمَــرأة الــحـَـقّ في الحُــصول عَـلى بِـطاقَـة الهَــوية الــوطنية، كما نثَــمِّــن الجُــهود الـتي بَـذَلـَــتها المملكة مِــن أَجــلِ تَــحــسينِ إطــارها الـمُـؤسَّـساتيّ بُــغـيَــةَ الإســراع بـالقَـــضاء عَــلى الـتَـميــيز ضِـد المَـرأة وَتَـعـزيـز المُـــساواة بَـين الجِـنسين، وَذَلِـك باعــــتماد رُؤيــة 2030 وخُــــطة التَّــنمــية العاشرة التي تَــستَـهدِف تَــــمكين المرأة وزيــــادة مُــساهَـمَـتِــها في التَــنمية الاقتـصاديَّـــة والاجتماعِــيَّـــة.




التعليقات