تُعد المملكة اليوم من أبرز الوجهات الاستثمارية حول العالم، والإنجازات التي تحققت خلال فترة وجيزة ما هي إلا دلالة على بدء مرحلة أكثر ازدهاراً ونجاحاً، فالعمل مستمر لتحقيق أهداف رؤية 2030 للوصول بالمملكة إلى قائمة الدول العشر الأكثر تنافسية في العالم.

لقد حققت المملكة المرتبة 62 على مؤشر سهولة الأعمال للعام 2020 متقدمة 30 مرتبة، وفي ذلك يقول الدكتور سيمون يانكوف مؤسس التقرير: "إن التقدم السريع الذي حققته المملكة في مؤشر سهولة الأعمال يؤكد عزمها على دعم ريادة الأعمال والقطاع الخاص للوصول إلى اقتصاد مزدهر وحيوي".

طموحنا هو الوصول إلى مصاف الدول العشر في المؤشر؛ لذا يمكن النظر في تجارب الدول المتصدرة مؤشر سهولة الأعمال، فخلال السنوات الأربع الماضية تبوأت نيوزيلندا المركز الأول بين "2017 - 2020" وقد حققت ذلك من خلال عدة عوامل؛ فنيوزيلندا عملت على تقليص الضرائب المتصلة بالعمل، ووضعت قواعد جديدة تسهل دفع الضرائب، كما خصخصت عشرات الصناعات التي كانت تسيطر عليها الحكومة، واحتلت المرتبة الأولى كأفضل دولة في مقاييس الروتين وحقوق الملكية، وتفتح البنوك أبوابها لساعات إضافية خلال عطلة نهاية الأسبوع، ما يمكن أصحاب الأعمال من إنجاز معاملاتهم البنكية في كل أيام الأسبوع تقريباً.

ومن الجدير ذكره استراتيجية وزارة الاستثمار القائمة على عرض الفرص الاستثمارية المتاحة في المملكة سواء في المدن الرئيسة أو المدن الاقتصادية الجديدة، وتوفير خدمات الأعمال والاستشارات المهنية للمستثمرين مثل مكاتب الخدمة الشاملة التي توفر الخدمات الأساسية للاستثمار في المملكة أو إنشاء وتشغيل الأعمال فيها، والعمل بوصفها نقطة اتصال رئيسة بين المستثمرين والجهات الأخرى الوطنية والإقليمية داخل المملكة وكذلك القطاع الخاص، من أجل تطوير الأنظمة والسياسات التجارية وتحسينها، وتمثيل المملكة في الخارج من خلال تسعة مكاتب دولية في أربع قارات لتسويق مناخ الأعمال في المملكة وعرض مشورة من أرض الواقع بشأن الجوانب كافة المتعلقة بالعمل في المملكة. وأيضاً منصة "تيسير" التي أطلقتها وزارة التجارة، ويرأس مجلس إدارتها معالي الوزير الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي، وتهدف إلى تطوير آليات التعامل بين القطاع الخاص والجهات الحكومية من خلال استقبال مرئيات ومقترحات القطاع الخاص، ورصد التحديات التي تواجهه، وتعزيز التواصل بين القطاعين العام والخاص، وإشراك القطاع الخاص في اتخاذ القرار، وتوعيته بإصلاحات بيئة الأعمال الاقتصادية، وعمِل المركز الوطني للتنافسية بالتكامل مع أكثر من 60 جهة حكومية على تنفيذ ما يزيد على 550 إصلاحاً تشريعياً وإجرائياً ساهمت في تحسين وتيسير بيئة الأعمال في المملكة وتطويرها.

إن الإجراءات البيروقراطية المرهقة لا تعيق الشركات والمستثمرين وحسب بل تعرقل قدرة الاقتصاد على النمو المستدام، لذا أتمنى إعادة دراسة كل ما يؤثر على شركة ما منذ بدايتها حتى مرحلة التشغيل ثم توقفها عن العمل مثل بدء النشاط التجاري واستخراج تراخيص البناء، وتوصيل الكهرباء، وتسجيل الملكية، والحصول على الائتمان، وحماية المساهمين أصحاب حصص الأقلية، وتخفيف الأعباء الضريبية، والتجارة عبر الحدود، وإنفاذ العقود، وتسوية حالات الإعسار، والاستمرار في محاربة الإجراءات البيروقراطية، والتوسع في مجال التخصيص؛ وأيضاً الاهتمام بحاضنات الأعمال وتطويرها كبرنامج بادر لحاضنات التقنية ومركز واعد؛ ففي سنغافورة لعبت الحكومة دوراً ملموساً للدفع نحو بيئة تمكينية مزدهرة لريادة الأعمال لا سيما صغار رواد الأعمال باعتبارهم المحرك الرئيس للتنمية الاقتصادية، فأطلقت مبادرة "ستارت أب إس جي" (Startup SG) لدعم انطلاق مشروعات رواد الأعمال من خلال تزويدهم بآلية للوصول إلى الدعم المحلي، وكذلك الاتصال بشبكات ريادة الأعمال العالمية، وتقوم المبادرة على عدة أهداف منها تقديم إرشادات فعالة لرواد الأعمال الجدد، وتوفير التمويل المبكر لتسويق الأفكار الابتكارية التكنولوجية، وتحفيز الاستثمار في رأس المال للشركات الناشئة، وتعزيز قدرات مسرعات وحاضنات الأعمال، وتوعية رواد الأعمال بآليات جذب المواهب العالمية الواعدة وتضمينها في مشروعاتهم وربط الشركات الناشئة بالتمويل الذي تشتد الحاجة إليه.

القيادة الرشيدة - حفظها الله - تعمل على خلق بيئة اقتصادية جاذبة للاستثمارات بإصلاح الأنظمة والقوانين الاقتصادية وسن التشريعات وتقديم الحوافز والمزايا؛ كل ذلك سيجعل المملكة قبلة للشركات العالمية التي باتت تتسابق لحجز مكان لها فيها، حيث أصبحت حجر الزاوية للاستثمار في الشرق الأوسط.