عند زواجي وشروعي في تجهيز منزل الزوجية، عانيت ازمة مالية خانقة، بعد ان صرفت مدخراتي القليلة في مصاريف الزواج، وقد لا حظ ذلك المرحوم محمد احمد الشدي رئيس تحرير مجلة اليمامة في ذلك الوقت، فرتب لي قرضا بواسطة المرحوم إبراهيم الناصر الحميدان، الذي كان يعمل في أحد البنوك، بمبلغ أربعة الاف ريال يتم سدادها في عام كامل!

وكان هذا المبلغ كاف لتأثيث شقة؛ وبعد هذا القرض بسنوات توثقت علاقتي بأبراهيم الناصر الحميدان الذي عرفناه كاتبا للقصة القصيرة والرواية والمسلسلات التلفزيونية، فسافرنا معا مرة او مرتين الى القاهرة؛ بل انني عندما أسست دارا للنشر نشرت له احدى رواياته، لكن هذه الدار ربما لقلة خبرتي لم تستمر طويلا، فقمت بأغلاقها عندما رشحت مع مجموعة من الادباء، عضوا في مجلس إدارة نادي الرياض الادبي؛ وعينت انطلاقا من هذه العضوية الشرفية، مشرفا على الشؤون المالية في النادي رغم انني لا افقه شيئا في أمور المال والاعمال، وكنت اخذ على هذا الاشراف ثلاثة الاف ريال شهريا، كنت اصرفها على بنزين السيارة في ذهابي وعودتي من المرسلات حيث اسكن الى الملز حيث مقر النادي، وهذا للأسف حال الأندية الأدبية والادباء، من ذلك الوقت وحتى يرث الله الأرض ومن عليها؛ ومن يمتلك من هؤلاء الادباء ثروة حسب مفهومه، هي بالتأكيد ليست من بيع القصص والقصائد، وكان من هؤلاء "إبراهيم الناصر الحميدان"!

المهم في الموضوع ان عمنا إبراهيم جمع مؤلفاته كلها، اثناء وجودي في مجلس إدارة النادي، وقدمها للنادي لتطبع كأعمال كاملة، مثلما كان يحصل في عديد من الهيئات الثقافية الحكومية ودور النشر الخاصة التي تهتم بذلك؛ وقد اجتمع أعضاء مجلس الإدارة في ذلك الوقت، للبت في الاعمال المقدمة للنشر عبر نادي الرياض الادبي، وكانت اعمال إبراهيم الناصر الحميدان من ضمنها، فرفض طلبه لضعف ميزانية النادي، وللرغبة في استغلال الميزانية المالية البسيطة، في نشر المؤلفات الجديدة المفردة، خصوصا للشباب؛ ويبدو ان أحدا افهمه او أوصل اليه، انني خلف ذلك الرفض او الاعتذار؛ بوصفي مشرفا ماليا تحت يدي خزينة او ميزانية النادي، رغم انني اعرف ويعرفون، ان الخيط والمخيط ليس في يدي!

وقد خلقت هذه المعلومة جفوة بيننا. ولم يفكر لصدمته مما حصل او سمع، في محبتي له التي برهنت عليها بنشر احدى رواياته ودفع مكأفاة عليها على قل البيع او المردد، وهو ما دفعني لاغلاق الدار كلها، حال ترشيحي لعضوية مجلس إدارة النادي، ابعادا لاي شبه مثل التي حصلت مع صديق، يعلم الله انني كنت انزله منزلة الأخ الأكبر. ورغم ما حصل فأنني حتى وفاته رحمه الله، لم انقطع عن الاتصال به وزيارته في المستشفى والتعزية فيه عند وفاته؛ كان "إبراهيم الناصر الحميدان" مبدعا جريئا، نقي السريرة، عطوفا، كريما وربما مسرفا؛ وكان يتغلب على جرائر كرمه بالعمل والاستشارات الثقافية على قلة مردودها!