الآن أصبحت المرأة السعودية سيدة قرارها، في كثير من أمورها الخاصة والعامة، بسن الأنظمة والقوانين التي تنظم حياتها وتحميها من أكل حقوقها، ومن الحد من حركتها، وتحكم الزوج، أو بعض أفراد الأسرة في أمورها، ومنذ وقت باكر انخرطت المرأة السعودية في سلك التعليم ونالت أرفع الشهادات، والآن توسعت الخيارات الوظيفية أمامها، فدخلت الحياة العملية من أوسع أبوابها، وفي كافة مفاصل العمل، في القطاعين العام والخاص، فقد باتت مؤهلة في كافة التخصصات، التي تحتاجها بلادنا، في القطاعين العام والخاص، وبات المجال مفتوحاً أمامها لتولي أرفع المناصب في كافة القطاعات، فأصبحنا نرى سيدات أعمال في عديد من المجالات التجارية والصناعية والخدمية؛ إضافة إلى أنها أصبحت تدير وتعمل في كبريات الشركات المحلية والعالمية، ولم تعد كما كانت سابقاً، محصورة في وظائف محددة لا تتجاوز التعليم في مدارس البنات والتمريض، بحجة حماية خصوصيتنا وليس خصوصيتها فقط!

والمرأة السعودية بفضل الأنظمة الجديدة أصبحت موجودة الآن في المستشفيات والمطارات والوزارات والشركات ومحلات البيع والبلديات والبريد وغيرها، وهي تقبل دون حواجز أو تحفظات، على كافة التخصصات العلمية والإدارية، التي ترى أنها قادرة على السير فيها دون عوائق أو تحفظات.

نحن الرجال وبعض النساء، عندما كنا نمارس الوصاية على المرأة، سددنا أمامها انطلاقاً من هذه الوصاية، كافة الطرق والمنافذ التي تستطيع منها أو من خلالها، الإسهام في نهضة وتقدم بلادها، باعتبارنا ولاة أمورها أو الأوصياء عليها، وعندما انتهت هذه الهيمنة الذكورية، لم نلاحظ أو نلمس تهاوناً أو تقصيراً أو قصراً في النظر والأداء لدى المرأة كما كنا نسمع ونقرأ؛ وقد حصلت هذه التطورات الإيجابية عندما وجدت الدولة أن الوقت قد حان لتكون المرأة السعودية مثل غيرها من النساء في الدول المتقدمة، ففتحت أمامها الطريق لتتعلم وتعمل وتتحرك على راحتها أو مسؤوليتها.

مع هذه الخطوة الجبارة، وجدنا احتراماً وتقديراً وافتخاراً ببنت البلد، افتخاراً من الأهل والناس حتى المعارضين أصبحوا يدعمون بناتهم وزوجاتهم للانخراط في العمل العام؛ هذه نقلة كنا نتحفظ بل نتخوف من الإقدام عليها، لكن التجربة عندما تمت أثبتت أن الفتاة أو السيدة السعودية لا تختلف عن الرجل أو الشاب السعودي في تحمل المسؤولية مع حرصها على الجودة والانضباط، اللذين يفوقان أحياناً ما هو موجود عند الشباب.

هذه النقلة الحضارية التي شهدها واقع المرأة، سوف تنعكس إيجاباً على الأسرة وتربية الأبناء، فالندية والاستقلالية سيكون لهما دور كبير في تنشئة واستقلالية الأبناء، فالبيت الذي يدار من زوجين متعلمين، لديهما الخبرة في مسيرة الحياة، سوف يخرج أجيالاً تحسن الاعتماد على نفسها، وعلى استقلاليتها، ما يجعل الخيارات واسعة أمامهم، دون الاعتماد على وصاية، أو إملاءات الأسرة التقليدية؛ لقد تأخرنا كثيراً عن الركب؛ لكننا أتينا ونحن في كامل استعدادنا للبناء، مسنودين برصيد علمي متطور، وببذل لا يتوقف؛ لتكون بلادنا، وسكانها في المقدمة.