لم تكن اللغة العربية غريبة في بلادنا الهند في يوم من الأيام. وليس ثمة شك أن اللغة العربية موضع احترام وتقدير لدى مسلمي الهند كما أنهم تأثروا تأثرًا بالغًا بأنماط الحياة العربية. فهم يشكلون وحدة حضارية لها شخصية مستقلة تستمد مكوناتها من التراث العربي الأصيل ومن الحضارة الهندية العتيقة. ولهم نشاط ملموس في جميع مجالات الحياة الهندية، كما لهم إسهامات جمة في إثراء التراث العربي الإسلامي.
بدأت اللغة العربية تثبّت أقدامها في الهند منذ عهد الحكم العربي في منطقة السند حيث أسلم مئات الآلاف من الهنود وأقبلوا على تعلم القرآن الكريم والحديث الشريف والفقه وبدؤوا يخدمونها بصورة ملموسة. تطورت اللغة العربية في الهند تطورا ملحوظا وحظيت الهند حظا وافرا في إثراء اللغة العربية وآدابها في عصور مختلفة. ومن أهم أسباب تطورها في الهند عبر العصور والتاريخ القرآن الكريم والسنة النبوية. احتلت اللغة العربية في العهد الإسلامي مكانة عالية ولغة علمية ولو ما كانت اللغة العربية اللغة الرسمية في الهند في أي عصر من عصور التاريخ.
احتكت العربية باللغات الهندية احتكاكا كبيرا، وتضمن عدد كبير من مفردات اللغة العربية إلى اللغات الهندية بسبب طوال الاحتكاك بينهما، ولأن اللغة العربية في ذاك الوقت لغة الحضارة الراقية تحمل معها تيارا جارفا من الكلمات الجديدة التي تمثل أفكارا وعادات جديدة، ومن المعروف أن اللغة العربية ظلت لغة الثقافة والدين في شبه القارة الهندية لفترة كبيرة وظلت منبع ألفاظ الحضارة والثقافة كما أنها احتلت العربية مكانة مرموقة ومهمة واحتلت كمصدر إثراء وإنماء اللغات الهندية ولا سيما الأردية حتى تغلغلت العربية في جميع مجالات الحياة في شبه القارة الهندية.
إن اللغة العربية في الهند مرت بمختلف المراحل حتى وصلت إلى البراعة الفنية والقوة اللسانية والقدرة الكاملة على التعبير. ويوجد في الهند عدد لا بأس به من الكتاب والعلماء والشعراء الذين يبوحون بما في نفوسهم ويبرون عما في ضمائرهم أصدق تعبير وأروع بيان فيما يتصل بالفنون الأدبية والصحافة إلى جانب العلوم الإسلامية. وقدم العلماء الهنود مجهودات جبارة ومساهمات ملموسة عبر العصور في سبيل ترويج اللغة العربية وآدابها في الهند.
اللغة العربية هي لغة القرآن والسنة والعلوم الإسلامية فإنها انتشرت في جميع أقطار العالم بما فيها الهند، وإن المسلمين اعتنوا بهذه اللغة درسا وتدريسا، تأليفا وتصنيفا، محادثة وكتابة مهما اختلفت أمصارهم وتفرقت بلدانهم وتباينت لغاتهم بسبب كونهم في أنحاء مختلفة من العالم. لقد حملت اللغة العربية رسالة الإسلام، فغنيت بألفاظ كثيرة جديدة للتعبير عما جاء به الإسلام من مفاهيم وأفكار ونظم وقواعد، وهكذا أصبحت اللغة العربية لغة الدين والثقافة في الهند.
التعليقات