مع قرب نهاية السنة الميلادية بدأ العالم بمجمله إحصاء وجرد الأرباح للشركات والبنوك التقليدية وكذلك البنوك الرقمية والتي هي ركيزة موضوعنا.

فالبنوك الرقمية أو الإلكترونية نسخة مستحدثة من البنوك التقليدية المعروفة، شاعت بسبب التوسع الكبير والانتشار الهائل للتجارة الإلكترونية وعمليات البيع والشراء عبر الإنترنت في الفترة الأخيرة. الهدف منها تسهيل حركة إرسال واستقبال الأموال بين الأفراد والتجار بشكل آمن وسريع بعيدًا عن النصب والاحتيال أو أي هجمات غير مشروعة.

تقوم البنوك الرقمية بتقديم الخدمات المختلفة لعملائها دون الحاجة للتوجه إلى فرع البنك، وأشار الخبراء في هذا المجال، إلى أن البنوك الرقمية تم إنشاؤها في الأساس من أجل تسهيل عملية تقديم الخدمات للعملاء بطريقة فعالة وسهلة وتسهل على العملاء إنهاء خدماتهم في أي وقت يرغبون فيه.

في 1989 كانت بداية انتشار البنوك الرقمية في أميركا تحديداً، ومن ثم تلاها إنشاء بنك رقمي آخر في 2005 وبعدها ازدادت البنوك الرقمية لتصل إلى مئات البنوك حول العالم، لكن عشرة بنوك فقط تم تصنيفها بالأكثر ثقة وأماناً لاستخدام العميل.

وفي يومنا هذا أصبحت البنوك الرقمية من أهم الأدوات المالية في العالم لأنها تحاكي التطور التكنولوجي السريع الذي نعيشه، وبسبب الأرباح المتصاعدة على مدار السنوات وسهولة نقل الأموال من الحسابات المصرفية، حيث يتم نقل الأموال من حساب مصرفي إلى حساب مصرفي آخر بشكل إلكتروني سهل للغاية، وتقوم البنوك الرقمية بتحويلات غير محدودة ومن دون إضافات.

ولأن تعاملات البنوك الرقمية كافة تتم عبر الإنترنت زاد انتشار البنوك الرقمية في فرنسا وبريطانيا وألمانيا بعد الارتفاع الهائل في أسعار العقار.. حيث تعد البنوك الرقمية صديقة للبيئة بشكل كبير في تقديم الخدمات، وتساعد في الاستغناء عن المباني والمعدات المكتبية وغيرها من الأمور، وتساعد كذلك في تقليل التكاليف الخاصة بالمعاملات المالية والبنكية عمومًا، حيث لم يعد العميل بحاجة للذهاب للبنوك التقليدية من أجل توفير العملة التي يتطلبها البنك.

في 2021 وصل حجم العمليات المنفذة في أكبر وأهم البنوك الرقمية لما يتجاوز 220 مليار دولار، لترتفع أسهمها بعد ذلك 40 %، مثبتة أنها من أهم عوامل الاستثمار في التجارة الإلكترونية.

لتأتي بعدها زعيمة اقتصادات الشرق الأوسط المملكة العربية السعودية والمتمثلة بقيادتنا الرشيدة الملك سلمان وولي عهده قائد نهضة الاستثمار معلنيين عن البدء بإنشاء بنكين رقميين (البنك السعودي الرقمي و STC) وذلك بعد القفزة الجبارة في مجال التحول والنهضة الرقمية التي عايشناها بأنفسنا وشهدتها المملكة في مؤشر (الحكومة الإلكترونية) على مستوى العالم.

ليأتي بعدها السؤال.. هل ستكون 2026 سنة الاستغناء رسمياً عن البنوك التقليدية لتحل محلها البنوك الرقمية.. أم ستكون سنة مكملة للتوسع الحاصل في زمننا هذا؟

وبالأخص بعد أن أعلنت وزارة الخزانة البريطانية وبنك إنجلترا اليوم عن عدة خطوات لإنشاء العملة الرقمية الخاصة بالبنك المركزي والتي لم تكتف بامتلاكها العديد من البنوك الرقمية فقد تم الإعلان كذلك لإنشاء بنك رقمي جديد يستهدف الأفراد في بريطانيا.

وكذلك روسيا وكندا اللتان لم تتركا الساحة لغيرهم في مجال البنوك الرقمية، فعلى الرغم من امتلاكهما لعدد لا بأس به من البنوك الرقمية منذ أكثر من 17 عاماً إلا أنهما في صدد إنشاء بنك رقمي خلال الأشهر القليلة المقبلة.

فلا نعلم حقيقة ما يخبئه المستقبل القريب.. لكن ما نعلمه جيداً أن الدولة التي تواكب كبريات دول العالم وتتحدى كل العراقيل وتصنع الفرص الخصبة لأبنائها وبناتها.. لا يهمها كم تأخرت؟.. بل يهمها كم أنجزت؟.. كم حققت؟.. وكم ستصل إليه في الغد القريب؟.. وما نعلمه أن هذه الدولة اختارت أن تكون أرض الفرص وتواكب المستقبل بكل جداره..

وما نعلمه بقرارة أنفسنا أن المملكة تحت قيادتها الرشيدة في هذا العهد الاستثنائي تحدت المستحيل لتصل إلى كمية الفرص التي وضعتها أمامنا اليوم.. فهنيئاً للمستثمرين.